فقال له المهدي ألست القائل (وقلنا أين نرحل بعد معن *) وأنشده البيت المذكور وقد جئت تطلب نوالنا وقد ذهب النوال لا شيء لك عندنا جروا برجله قال فجروا برجله حتى أخرجوه فلما كان في العام المقبل تلطف حتى دخل مع الشعراء وإنما كانت الشعراء تدخل على الخلفاء في ذلك الحين في كل عام مرة قال فمثل بين يديه وأنشده قصيدته التي أولها (طرقتك زائرة فحي خيالها * بيضاء تخلط بالحياء دلالها) (قادت فؤادك فاستقاد ومثلها * قاد القلوب إلى الصبا فأمالها) فأنصت له حتى بلغ إلى قوله (هل تطمسون من السماء نجومها * بأكفكم أو تسترون هلالها) وقد تقدم ذكر بعضها في ترجمة مروان قال فأنصت له المهدي ولم يزل يزحف كلما سمع شيئا فشيئا منها حتى صار على البساط إعجابا بما سمع ثم قال له كم بيت هي فقال مائة بيت فأمر له بمائة ألف درهم وهذا يخالف ما ذكرناه في ترجمته لكنه يختلف باختلاف الروايات ويقال إنها أول مائة ألف أعطيها شاعر في خلافة بني العباس قال الفضل بن الربيع فلم تلبث الأيام أن أفضت الخلافة إلى هارون الرشيد ولقد رأيت مروان ماثلا مع الشعراء بين يديه وقد أنشده شعرا فقال له من أنت فقال شاعرك مروان بن أبي حفصة فقال له ألست القائل في معن كذا وأنشده البيت ثم قال خذوا بيده فأخرجوه فإنه لا شيء له عندنا ثم تلطف حتى دخل عليه بعد ذلك فأنشده فأحسن جائزته
(٢٥٣)