وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٢٠١
القاشاني الذي كان وزير المسترشد وقد تقدم ذكره في ترجمة الحريري صاحب المقامات وكان سلطانا عادلا لين الجانب كبير النفس فرق مملكته على أصحابه ولم يكن له من السلطنة غير الاسم وكان حسن الأخلاق كثير المزاح والانبساط مع الناس فمن ذلك أن أتابك زنكي صاحب الموصل أرسل إليه القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري في رسالة فوصل إليه وأقام معه في العسكر فوقف يوما على خيمة الوزير حتى قارب أذان المغرب فعاد إلى خيمته وأذن المغرب وهو في الطريق فرأى إنسانا فقيها في خيمة فنزل إليه فصلى معه فسأله كمال الدين من أين هو فقال أنا قاضي مدينة كذا فقال له كمال الدين القضاة ثلاثة قاضيان في النار وهو أنا وأنت وقاض في الجنة وهو من لا يعرف أبواب هؤلاء الظلمة ولا يراهم فلما كان من الغد أرسل السلطان وأحضر كمال الدين فلما دخل عليه ورآه ضحك وقال القضاة ثلاثة فقال كمال الدين نعم يا مولانا فقال والله صدقت ما أسعد من لا يرانا ولا نراه ثم أمر به فقضيت حاجته وأعاده من يومه ومن ذلك أنه اجتاز يوما في بعض أطراف بغداد فسمع امرأة تقول لأخرى تعالي انظري إلى السلطان فوقف وقال نقف حتى تجيء هذه الست تنظر إلينا وله مناقب كثيرة وكان مع لين جانبه ما ناوأه أحد وظفر به وقتل من الأمراء الأكابر خلقا كثيرا ومن جملة من قتل الخليفتان المسترشد بالله والراشد لأنه كان قد وقع بينه وبين الخليفة المسترشد وحشة قبل استقلاله في السلطنة فلما استقل استطال نوابه على العراق وعارضوا الخليفة في أملاكه فقويت الوحشة بينهما وتجهز المسترشد وخرج لمحاربته وكان السلطان مسعود بهمذان فجمع جيشا عظيما وخرج للقائه وتصافا بالقرب من همذان فكسر عسكر الخليفة وأسر هو وأرباب دولته وأخذه السلطان مسعود مأسورا وطاف به بلاد أذربيجان وقتل على باب المراغة حسبما شرحناه في ترجمة دبيس بن صدقة وهو الذي خلع الراشد وأقام المقتفي كما هو مشهور
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»