تركيبها وحركها فنام كل من في المجلس حتى البواب فتركهم نياما وخرج ويحكى أن الآلة المسماة القانون من وضعه وهو أول من ركبها هذا التركيب وكان منفردا بنفسه لا يجالس الناس وكان مدة مقامه بدمشق لا يكون غالبا إلا عند مجتمع ماء أو مشتبك رياض ويؤلف هناك كتبه وينتابه المشتغلون عليه وكان أكثر تصنيفه في الرقاع ولم يصنف في الكراريس إلا القليل فلذلك جاءت أكثر تصانيفه فصولا وتعاليق ويوجد بعضها ناقصا مبتورا وكان أزهد الناس في الدنيا لا يحتفل بأمر مكسب ولا مسكن وأجرى عليه سيف الدولة كل يوم من بيت المال أربعة دراهم وهو الذي اقتصر عليها لقناعته ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بدمشق وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه وقد ناهز ثمانين سنة ودفن بظاهر دمشق خارج باب الصغير رحمه الله تعالى وتوفي متى بن يونس ببغداد في خلافة الراضي هكذا حكاه ابن صاعد القرطبي في طبقات الأطباء وظفرت في مجموع بأبيات منسوبة إلى الفارابي ولا أعلم صحتها وهي (أخي خل حيز ذي باطل * وكن للحقائق في حيز) (فما الدار دار مقام لنا * وما المرء في الأرض بالمعجز) (ينافس هذا لهذا على * أقل من الكلم الموجز) (وهل نحن إلا خطوط وقعن * على نقطة وقع مستوفز) (محيط السماوات أولى بنا * فماذا التنافس في مركز) 235 ورأيت هذه الأبيات في الخريدة منسوبة إلى الشيخ محمد بن عبد الملك الفارقي البغدادي الدار وقال العماد مؤلف الخريدة إنه اجتمع به يوم الجمعة ثامن عشر شهر رجب سنة إحدى وستين وخمسمائة وتوفي بسنيات بعد ذلك
(١٥٦)