المناقب والرأي البصير بالعواقب مر السياسة لا يساغ كأسه ولا يؤمن بحال سطوته وبأسه يقابل زلة القدم بإراقة الدم لا يذكر العفو عند الغضب فما زال على هذا الخلق حتى إستوحشت النفوس منه وانقلبت القلوب عنه فأجمع أعيان عسكره على خلعه ونزع الأيدي عن طاعته فوافق هذا التدبير منهم غيبته عن جرجان إلى المعسكر ببعض القلاع فلم يشعر بهذا التدبير لذلك ولم يحس بهم إلا وقد قصدوه وأرادوا قبضه ونهبوا أمواله وخيله فحامى عنه من كان في صحبته من خواصه فرجعوا إلى جرجان وملكوها وبعثوا إلى ولده أبي منصور منوجهر وهو بطبرستان يستحثونه على الوصول إليهم لعقد البيعة له فأسرع في الحضور فلما وصل إليهم أجمعوا على طاعته إن خلع أباه فلم يسعه في تلك الحال إلا المداراه والإجابة خوفا على خروج الملك عن بيتهم ولما رأى الأمير قابوس صورة الحال توجه إلى ناحية بسطام بمن معه من الخواص لينتظر ما يستقر عليه الأمر فلما سمع الخارجون عليه انحيازه إلى تلك الجهة حملوا ولده منوجهر على قصده وإزعاجه من مكانه فسار معهم مضطرا فلما وصل إلى أبيه اجتمع به وتباكيا وتشاكيا وعرض الولد نفسه أن يكون حجابا بينه وبين أعاديه ولو ذهبت نفسه فيه ورأى الوالد أن ذلك لا يجدي وأنه أحق بالملك من بعده وسلم خاتم المملكة إليه واستوصاه خيرا بنفسه ما دام في قيد الحياة واتفقا على أن يكون في بعض القلاع إلى أن يأتيه أجله فانتقل إلى تلك القلعة وشرع الولد في الإحسان إلى الجيش وهم لا يطمئنون خشية قيام الوالد ولم يزالوا حتى قتل وذلك في سنة ثلاث وأربعمائة ودفن بظاهر جرجان رحمه الله تعالى وقيل أنه لما حبس في القلعة منع من الغطاء والدثار وكان البرد شديدا فمات من ذلك والجيلي بكسر الجيم وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها لام هذه النسبة إلى جيل وهو اسم رجل كان أخا ديلم وقد نسب إلى كل واحد منهما وهذه النسبة غير نسبة الجيلي إلى الإقليم الذي وراء طبرستان فليعلم ذلك فقد يقع
(٨١)