صاحبه لما كان بالعراق فلما أنتقل العماد إلى الشام واتصل بخدمة السلطان صلاح الدين كتب إليه ابن التعاويذي رسالة وقصيدة يطلب منه فروة وذكر الرسالة وهي قد كلف مكارمه وإن لم يكن للجود عليها كلفه وأتحفه بما وجهه إليه من أمله وهو لعمر الله تحفه أهدى فروة دمشقية سرية نقية يلين لمسها ويزين لبسها ودباغتها نظيفة وخياطتها لطيفة طويلة كطوله سابغة كأنعمه حالية كذكره جميلة كفعله واسعة كصدره نقية كعرضه رفيعة كقدره موشية كنظمه ونثره ظاهرها كظاهره وباطنها كباطنه يتجمل بها اللابس وتتحلى بها المجالس وهي لخادمه سربال وله حرس الله مجده جمال يشكره عليها من لم يلبسها ويثني عليه بها من لم يتدرعها تذهب خميلة وبرها ويبقى حميد أثرها ويخلق إهابها وجلدها ويتجدد شكرها وحمدها وقد نظم أبياتا ركب في نظمها الغرر وأهدى بها التمر إلى هجر إلا أنه قد عرض الطيب على عطاره ووضع الثوب في يد بزازه وأحل الثناء في محله وجمع بين الفضل وأهله وهي في حسنه وخفارة كرمه ثم ذكر القصيدة التي أولها (بأبي من ذبت في الحب * له شوقا وصبوه) وهي موجودة في ديوانه وكتب العماد جواب القصيدة على هذا الروي أيضا وهما طويلتان وذكر العماد قبل ذكر الرسالة والقصيدة في حقه هو شاب فيه فضل وآداب ورياسة وكياسة ومروة وأبوة وفتوة جمعني وإياه صدق العقيدة في عقد الصداقة وقد كملت فيه أسباب الظرف واللطف واللباقة ثم أتى بالرسالة والقصيدة وجوابها وهذه الرسالة لم أر مثلها في بابها سوى ما سيأتي في ترجمة بهاء الدين ابن شداد في حرف الياء إن شاء الله تعالى فإن ابن خروف المغربي كتب إليه رسالة بديعة يستجديه فروة قرظ وكانت ولادة ابن التعاويذي المذكور في العاشر من رجب يوم الجمعة سنة تسع عشرة وخمسمائة وتوفي في ثاني شوال سنة أربع وقيل ثلاث
(٤٧٢)