يا سفيان وأيهم أمير المؤمنين فقلت هذا وأومأت إلى الرشيد فقال له يا حسن الوجه أنت الذي أمر هذه الأمة في يدك وعنقك لقد تقلدت أمرا عظيما فبكى الرشيد ثم أتي كل رجل منا ببدرة فكل قبلها إلا الفضيل فقال الشيد يا أبا علي إن لم تستحل أخذها فأعطها ذا دين أو أشبع بها جائعا أو اكس بها عاريا فاستعفاه منها فلما خرجنا قلت يا أبا علي أخطأت ألا أخذتها وصرفتها في أبواب البر فأخذ بلحيتي ثم قال يا أبا محمد أنت فقيه البلد والمنظور إليه وتغلط مثل هذا الغلط لو طابت لأولئك لطابت لي ويحكى أن الرشيد قال له يوما ما أزهدك فقال الفضيل أنت أزهد مني قال وكيف ذلك قال لأني أزهد في الدنيا وأنت تزهد في الآخرة والدنيا فانية والآخرة باقية وذكر الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار في آخر باب الطعام أن الفضيل قال يوما لأصحابه ما تقولون في رجل في كمه ثمر ثم يقعد على رأس الكنيف فيطرحه فيه ثمرة ثمرة قالوا هو مجنون قال فالذي يطرحه في بطنه حتى يحشوه فهو أجن منه فإن هذا الكنيف يملأ من هذا الكنيف ومن كلام الفضيل إذا أحب الله عبدا أكثر غمه وإذا أبغض عبدا وسع عليه دنياه وقال لو أن الدنيا بحذافيرها عرضت علي على أن لاأحاسب عليها لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه وقال ترك العمل لأجل الناس هو الرياء والعمل لأجل الناس هو الشرك وقال إني لأعصى الله تعالى فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي وقال لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعباد وقال لأن يلاطف الرجل أهل مجلسه ويحسن خلقه معهم خير له من قيام ليله
(٤٨)