وهذه القصيدة من قصائده الطنانة ولولا طولها لأوردتها كلها وله أيضا (والله لولا أن يسفهني الهوى * ويقول بعض القائلين تصابى) (لكسرت دملجها بضيق عناقه * ورشفت من فيها البرود رضابا) وفي هذا الأنموذج دلالة على علو درجته وحسن طريقته وديوانه كبير ولولا ما فيه من الغلو في المدح والإفراط المفضي إلى الكفر لكان من أحسن الدواوين وليس في المغاربة من هو في طبقته لا من متقدميهم ولا من متأخريهم بل هو اشعرهم على الإطلاق وهو عندهم كاالمتنبي عند المشارقة وكانا متعاصرين وان كان في المتنبي مع أبي تمام من الاختلاف ما فيه وما زلت اتطلب تاريخ وفاة ابن هانئ المذكور من التواريخ والمظان التي يطلب منها فلا أجده وسألت عنه خلقا كثيرا من مشايخ هذا الشأن فلم أجده حتى ظفرت به في كتاب لطيف لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني سماه قراضة الذهب فألفيته كما هو مذكور ها هنا ونقلت مدة عمره من موضع آخر رأيت بعض الأفاضل قد اعتنى بأحواله فجمعها وكتبها في أول ديوانه وذكر مدة العمر ولم يذكر تاريخ الوفاة لأنه ما عثر عليه ويقال إن أبا العلاء المعري كان إذا سمع شعر ابن هانئ يقول ما أشبهه إلا برحى تطحن قرونا لأجل القعقعة التي في ألفاظه ويزعم أنه لا طائل تحت تلك الألفاظ ولعمري ما انصفه في هذا المقال وما حمله على هذا إلا فرط تعصبه للمتنبي وبالجملة فما كان إلا من المحسنين في النظم والله أعلم
(٤٢٤)