وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٤ - الصفحة ٣٦٦
لونه وغص بريقه وجعل يلين في الاعتذار ويرغب في الصفح والإغتفار ويكرر الأيمان أنه لم يثبتني ولا اعتمد التقصير بي فقلت يا هذا إن قصدك شريف في نسبه تجاهلت نسبه أو عظيم في أدبه صغرت أدبه أو متقدم عند سلطانه خفضت منزلته فهل المجد تراث لك دون غيرك كلا والله لكنك مددت الكبر سترا على نقصك وضربته رواقا حائلا دون مباحثتك فعاود الاعتذار فقلت لا عذر لك مع الإصرار وأخذت الجماعة في الرغبة إلي في مياسرته وقبول عذره واستعمال الأناة التي تستعملها الحزمة عند الحفيظة وأنا على شاكلة واحدة في تقريعه وتوبيخه وذم خليقته وهو يؤكد القسم أنه لم يعرفني معرفة ينتهز معها الفرصة في قضاء حقي فأقول ألم أستأذن عليك باسمي ونسبي أما كان في هذه الجماعة من كان يعرفني لو كنت جهلتني وهب أن ذلك كذلك ألم تر شارتي أما شممت عطر نشري ألم أتميز في نفسك عن غيري وهو في أثناء ما أخاطبه وقد ملأت سمعه تأنيبا وتفنيدا يقول خفض عليك اكفف من غربك أردد من سورتك استأن فإن الأناة من شيم مثلك فأصحب حينئذ جانبي له ولانت عريكتي في يده واستحييت من تجاوز الغاية التي انتهيت إليها في معاتبته وذلك بعد أن رضته رياضة الصعب من الإبل واقبل علي معظما وتوسع في تقريظي مفخما واقسم انه ينازع منذ ورد العراق ملاقاتي ويعد نفسه بالاجتماع معي ويسوفها التعلق بأسباب مودتي فحين استوفى القول في هذا المعنى استأذن عليه فتى من فتيان الطالبيين الكوفيين فأذن له فإذا حدث مرهف الأعطاف تميل به نشوة الصبا فتكلم فأعرب عن نفسه فإذا لفظ رخيم ولسان حلو وأخلاق فكهة وجواب حاضر وثغر
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»