وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٤ - الصفحة ٣٦٥
فتمثل في بقول الآخر (يشقى رجال ويشقى آخرون بهم * ويسعد الله أقواما بأقوام) (وليس رزق الفتى من فضل حيلته * لكن جدود وأرزاق بأقسام) (كالصيد يحرمه الرامي المجيد وقد * يرمي فيحرزه من ليس بالرامي) وإذا به لابس سبعة أقبية كل قباء منها لون وكنا في وغرة القيظ وجمرة الصيف وفي يوم تكاد ودائع الهامات تسيل فيه فجلست مستوفزا وجلس متحفزا واعرض عني لاهيا وأعرضت عنه ساهيا أؤنب نفسي في قصده واستخف رأيها في تكلف ملاقاته فغبر هنية ثانيا عطفه لا يعيرني طرفه وأقبل على تلك الزعنفة التي بين يديه وكل يومي إليه ويوحي بلحظه ويشير إلى مكاني بيديه ويوقظه من سنته وجهله ويأبى إلا إزورارا ونفارا وعتوا وإستكبارا ثم رأى أن يثني جانبه إلي ويقبل بعض الإقبال علي فأقسمت بالوفاء والكرم فإنهما من محاسن القسم أنه لم يزد على أن قال أيش خبرك فقلت بخير أنا لولا ما جنيته على نفسي من قصدك ووسمت به قدري من ميسم الذل بزيارتك وجشمت رأيي من السعي إلى مثلك ممن لم تهذبه تجربة ولا أدبته بصيرة ثم تحدرت عليه تحدر السيل إلى قرارة الوادي وقلت له ابن لي مم تيهك وخيلاؤك وعجبك وكبرياؤك وما الذي يوجب ما أنت عليه من الذهاب بنفسك والرمي بهمتك إلى حيث يقصر عنه باعك ولا تطول إليه ذراعك هل ها هنا نسب انتسبت إلى المجد به أو شرف علقت بأذياله أو سلطان تسلطت بعزه أو علم تقع الإشارة إليك به إنك لو قدرت نفسك بقدرها أو وزنتها بميزانها ولم يذهب بك التيه مذهبا لما عدوت أن تكون شاعرا مكتسبا فامتقع
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»