مرحبا بزائر لا يمل قال أبو عمر المخزومي وكان كثير المجالسة للخليل ما سمعت الخليل يقولها لأحد إلا لسيبويه وكان قد ورد إلى بغداد من البصرة والكسائي يومئذ يعلم الأمين بن هارون الرشيد فجمع بينهما وتناظرا وجرى مجلس يطول شرحه وزعم الكسائي أن العرب تقول كنا أظن أن الزنبور أشد لسها من النحلة فإذا هو إياها فقال سيبويه ليس المثل كذا بل فإذا هو هي وتشاجرا طويلا واتفقا على مراجعة عربي خالص لا يشوب كلامه شيء من كلام أهل الحضر وكان الأمين شديد العناية بالكسائي لكونه معلمه فاستدعى عربيا وسأله فقال كما قال سيبويه فقال له نريد أن تقول كما قال الكسائي فقال إن لساني لا يطاوعني على ذلك فإنه ما يسبق إلا إلى الصواب فقرروا معه أن شخصا يقول قال سيبويه كذا وقال الكسائي كذا فالصواب مع من منهما فيقول العربي مع الكسائي فقال هذا يمكن ثم عقد لهما المجلس واجتمع أئمة هذا الشأن وحضر العربي وقيل له ذلك فقال الصواب مع الكسائي وهو كلام العرب فعلم سيبويه أنهم تحاملوا عليه وتعصبوا للكسائي فخرج من بغداد وقد حمل في نفسه لما جرى عليه وقصد بلاد فارس فتوفي بقرية من قرى شيراز يقال لها البيضاء في سنة ثمانين ومائة وقيل سنة سبع وسبعين وعمره نيف وأربعون سنة وقال ابن قانع بل توفي بالبصرة في سنة إحدى وستين ومائة وقيل سنة ثمان وثمانين وقال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي توفي سنة أربع وتسعين ومائة وعمره اثنتان وثلاثون سنة وإنه توفي بمدينة ساوة وذكر الخطيب في تاريخ بغداد عن ابن دريد أنه قال مات سيبويه بشيراز وقبره بها والله أعلم وقيل إن ولادته كانت بالبيضاء المذكورة لا وفاته قال أبو سعيد الطوال رأيت على قبر سيبويه هذه الأبيات مكتوبة وهي لسليمان بن يزيد العدوي (ذهب الأحبة بعد طول تزاور * ونأى المزار فأسلموك وأقشعوا)
(٤٦٤)