عباس أن رجلا اتصلت عطلته وانقطعت مادته فزور كتابا من أبي الحسن ابن الفرات إلى أبي زنبور المادرائي عامل مصر في معناه يتضمن الوصاة به والتأكيد في الإقبال عليه والإحسان إليه وخرج إلى مصر فلقيه به فارتاب أبو زنبور في أمره لتغير الخطاب على ما جرت به العادة وكون الدعاء ألين مما يقتضيه محله فراعاه مراعاة قريبة ووصله بصلة قليلة واحتبسه عنده على وعد وعده به وكتب إلى أبي الحسن ابن الفرات يذكر الكتاب الوارد عليه وأنفذه بعينه إليه واستثبته فيه فوقف ابن الفرات على الكتاب المزور فوجد فيه ذكر الرجل وأنه من ذوي الحرمات والحقوق الواجبة عليه وما يقال في ذلك مما قد استوفى الخطاب فيه وعرضه على كتابه وعرفهم الصورة فيه وعجب إليهم منها ومما أقدم عليه الرجل وقال لهم ما الرأي في أمر هذا الرجل عندكم فقال بعضهم تأديبه أو حبسه وقال آخر قطع إبهامه لئلا يعاود مثل هذا أو يقتدي به غيره فيما هو أكثر من هذا وقال أجملهم محضرا يكشف لأبي زنبور قصته ويرسم له طرده وحرمانه فقال ابن الفرات ما أبعدكم عن الخيرية والحرية وأنفر طباعكم منها رجل توسل بنا وتحمل المشقة إلى مصر في تأميل الصلاح بجاهنا واستمداد صنع الله عز وجل بالانتساب إلينا يكون أحسن أحواله عند أحسنكم محضرا تكذيب ظنه وتخييب سعيه والله لا كان هذا أبدا ثم إنه أخذ القلم من دواته وكتب على الكتاب المزور هذا كتابي ولست أعلم لم أنكرت أمره واعترضتك شبهة فيه وليس كل من خدمنا وأوجب حقا علينا تعرفه وهذا رجل خدمني في أيام نكبتي وما أعتقده في قضاء حقه أكثر مما كلفتك في أمره من القيام به فأحسن تفقده ووفر رفده وصرفه فيما يعود عليه نفعه ويصل إلينا فيما يحقق ظنه ويبين موقعه ورده إلى أبي زنبور من يومه فلما مضت على ذلك مدة طويلة دخل على أبي الحسن ابن الفرات رجل ذو هيئة مقبولة وبزة
(٤٢٨)