القصف والخلاعة وهم القاضي أبو بكر ابن قريعة وابن معروف والتنوخي المذكور وغيرهم وما منهم إلا أبيض اللجية طويلها وكذلك كان المهلبي فإذا تكامل الأنس وطاب المجلس ولذ السماع وأخذ الطرب منهم مأخذه وهبوا ثوب الوقار للعقار وتقلبوا في أعطاف العيش بين الخفة والطيش ووضع في يد كل واحد منهم طاس ذهب فيه ألف مثقال مملوء شرابا قطربليا أو عكبريا فيغمس لحيته فيه بل ينقعها حتى تتشرب أكثره ويرش بها بعضهم بعضا ويرقصون بأجمعهم وعليهم المصبغات ومخانق المنثور والبرم فإذا أصبحوا عادوا كعادعتهم في التوقر والتحفظ بأبهة القضاء وحشمة المشايخ الكبراء وأورد من شعره قوله (وراح من الشمس مخلوقة * بدت لك في قدح من نهار) (هواء ولكنه جامد * وماء ولكنه غير جار) (كأن المدير لها باليمين * إذا مال للسقي أو باليسار) (تدرع ثوبا من الياسمين * له فرد كم من الجلنار) وأورد له أيضا (بأبي حسنك لو أشبهه * منك صنيع) (أنت بدر ما له في * فلك الوصل طلوع) وأورد له (رضاك شباب لا يليه مشيب * وسخطك داء ليس منه طبيب) (كأنك من كل النفوس مركب * فأنت إلى كل النفوس حبيب) وذكر له شيئا كثيرا غير هذا
(٣٦٧)