وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٣ - الصفحة ٣٠٢
فإذ سمع كلامه لم يخرج ذلك اليوم من بيته فكثر ذلك منه فهجاه ابن الرومي بأهاج كثيرة وهي مثبتة في ديوانه وكان الأخفش يحفظها ويوردها في جملة ما يوردها استحسانا لها وافتخارا بأنه نوه بذكره إذ هجاه فلما علم ابن الرومي بذلك أقصر عنه وقال المرزباني لم يكن الأخفش بالمتسع في الرواية للأشعار والعلم بالنحو وما علمته صنف شيئا البتة ولا قال شعرا وكان إذا سئل عن مسألة في النحو ضجر وانتهر من يسأله وكانت وفاة أبي الحسن المذكور في ذي القعدة وقيل شعبان سنة خمس عشرة وقيل ست عشرة وثلاثمائة فجأة ببغداد ودفن بمقبرة قنطرة بردان ودخل مصر سنة سبع وثمانين ومائتين وخرج منها إلى حلب سنة ست وثلاثمائة رحمه الله تعالى والأخفش بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وفتح الفاء وبعدها شين معجمة وهو الصغير العين من سوء بصرها وبردان بفتح الباء الموحدة والراء والدال المهملة وبعد الألف نون وهي قرية من قرى بغداد خرج منها جماعة من العلماء وغيرهم وقال أبو الحسن ثابت بن سنان كان الأخفش المذكور يواصل المقام عند أبي علي ابن مقلة وأبو علي يراعيه ويبره فشكا إليه في بعض الأيام ما هو فيه من شدة الفاقة وزيادة الإضافة وسأله أن يكلم الوزير أبا الحسن علي بن عيسى في أمره ويسأله إقرار رزق له في جملة من يرتزق من أمثاله فخاطبه أبو علي في ذلك وعرفه اختلال حاله وتعذر القوت عليه في أكثر أيامه وسأله أن يجري عليه رزقا أسوة بأمثاله فانتهره الوزير انتهارا شديدا وكان ذلك في مجلس حافل فشق ذلك على أبي علي وقام من مجلسه وصار إلى منزله لائما نفسه على سؤاله ووقف الأخفش على الصورة فاغتم لها وانتهت
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»