وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٣ - الصفحة ١٤٨
وقال إني أردت أن أتزوج ابنة خالي من بني الحارث بن كعب أفتأذن لي قال تزوج من شئت فتزوج ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان ابن الركال بن قطن بن زياد بن الحارث بن كعب فأولدها السفاح المذكور فتولى الخلافة ووصف المدائني أبا مسلم فقال كان قصيرا أسمر جميلا حلوا نقي البشرة أحور العين عريض الجبهة حسن اللحية وافرها طويل الشعرة طويل الظهر قصير الساق والفخذ خافض الصوت فصيحا بالعربية والفارسية حلو المنطق راوية للشعر عالما بالأمور لم ير ضاحكا ولا مازحا إلا في وقته ولا يكاد يقطب في شيء من أحواله تأتيه الفتوحات العظام فلا يظهر عليه أثر السرور وتنزل به الحوادث الفادحة فلا يرى مكتئبا وإذا غضب لم يستفزه الغضب ولا يأتي النساء في السنة إلا مرة واحدة ويقول الجماع جنون ويكفي الإنسان أن يجن في السنة مرة وكان من أشد الناس غيرة لا يدخل قصره غيره وكان في القصر كوى يطرح لنسائه منها ما يحتجن إليه قالوا وليلة زفت إليه امرأته أمر بالبرذون الذي ركبته فذبح وأحرق سرجه لئلا يركبه ذكر بعدها وقال له ابن شبرمة أصلح الله الأمير من أشجع الناس قال كل قوم في إقبال دولتهم وكان أقل الناس طمعا وأكثرهم طعاما ولما حج نادى في الناس برئت الذمة ممن أوقد نارا فكفى العسكر ومن معه أمر طعامهم وشرابهم في ذهابهم وإيابهم ومنصرفهم وهربت الأعراب فلم يبق في المناهل منهم أحد لما كانوا يسمعونه من سفكه الدماء قتل في دولته ستمائة ألف صبرا فقيل لعبد الله بن المبارك أبو مسلم خير أو الحجاج قال لا أقول إن أبا مسلم كان خيرا من أحد ولكن الحجاج كان شرا منه
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»