قال شبيب كنت أسير في موكب أمير المؤمنين أبي جعفر فقلت يا أمير المؤمنين رويدا فإني أمير عليك فقال ويلك أمير علي قلت نعم حدثني معاوية بن قرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطف القوم دابة أميرهم فقال أبو جعفر أعطوه دابة فهو أهون من أن يتأمر علينا وقال أيضا قال لي أبو جعفر وكنت في سماره يا شبيب عظني وأوجز فقلت يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قسم الدنيا فلم يرض لك إلا بأرفعها وأشرفها فلا ترض لنفسك من الآخرة إلا مثل الذي رضي لك من الدنيا وأوصيك بتقوى الله عز وجل فإنها عليكم نزلت وعنكم أقبلت واليكم صدرت قال لقد أوجزت وقصرت قلت والله لئن قصرت فما بلغت كنه النعمة فيك وخرج شبيب من دار المهدي فقيل له كيف تركت الناس قال تركت الداخل راجيا والخارج راضيا وقال حماد بن سلمة كان شبيب بن شيبة يصلي بنا في المسجد الشارع في مربعة أبي عبيد الله فصلى يوما الصبح فقرأ بالسجدة و * (هل أتى على الإنسان) * فلما قضى الصلاة قام رجل فقال لا جزاك الله عني خيرا فإني كنت غدوت لحاجة فلما أقيمت الصلاة دخلت أصلي فأطلت حتى فاتتني حاجتي قال وما حاجتك قال قدمت من الثغر في شيء من مصلحته وكنت وعدت البكور إلى الخليفة لأتنجز ذلك قال فأنا أركب معك وركب معه ودخل على المهدي فأخبره الخبر وقص عليه القصة قال فتريد ماذا قال قضاء حاجته فقضى حاجته وأمر له بثلاثين ألف درهم فدفعها إلى الرجل ودفع له شبيب من ماله أربعة آلاف درهم وقال له لم تضرك يا أخي السورتان وقال الأصمعي كان شبيب بن شيبة رجلا شريفا يفزع إليه أهل البصرة في حوائجهم وكان يغدو في كل يوم ويركب فإذا أراد أن يغدو أكل من الطعام شيئا ثم يركب فقيل له إنك تباكر الغداء فقال أجل أطفىء به فورة الجوع وأقطع به خلوف فمي وأبلغ به في قضاء حاجتي فاني وجدت خلاء الجوف وشهوة الطعام يقطعان الحكيم عن بلوغ حاجته ويحمله ذلك على
(٤٥٩)