وكان عاقلا دينا متوقفا عن الدماء ويقال إنه كان شرها نكاحا يأكل في كل يوم نحو مائة رطل وكان به عرج وحج بالناس سنة سبع وتسعين فمر على المدينة وهو يريد مكة فقال أهاهنا أحد يذكرنا فقيل له أبو حازم فأرسل إليه فدعاه فلما دخل عليه قال له يا أبا حازم ما هذا الجفاء قال يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تقول ما لم يكن ما عرفتني قبل ولا أنا رأيتك فالتفت سليمان إلى محمد ابن شهاب وقال أصاب الشيخ وأخطأت أنا فقال سليمان يا أبا حازم ما لنا نكره الموت قال لأنكم أخربتم آخرتكم وعمرتم الدنيا فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب قال صدقت فكيف القدوم على الله عز وجل غدا قال أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المسئ فكالآبق يقدم على مولاه فبكى سليمان وقال ليت شعري ما أنا عند الله قال يا أمير المؤمنين اعرض عملك على كتاب الله عز وجل قال وأين أجده قال * (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) * (الأعراف: 56) قال يا أبا حازم فأي عباد الله أفضل قال أولو المروءة والتقى قال فأي الأعمال أفضل قال أداء الفرائض مع اجتناب المحارم قال فأي الدعاء أسمع قال دعوة المحسن للمحسن قال فأي الصدقة أزكى قال صدقة السائل البائس وجهد من مقل ليس فيها من ولا أذى قال فأي القول أعدل قال قول الحق عند من يخافه أو يرجوه قال فأي الناس أحمق قال رجل انحط في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره قال صدقت فما الذي تقول فيما نحن فيه قال يا أمير المؤمنين أو تعفيني من ذلك قال لا ولكن نصيحة تلقيها إلى قال إن آباءك قهروا الناس بالسيف وأخذوا الملك عنوة من غير مشورة من المسلمين ولا رضى حتى قتلوا عليه مقتلة عظيمة وارتحلوا عنها فلو سمعت ما قالوا وما قيل لهم فغشي على سليمان فقال رجل من جلسائه بئس ما قلت يا أبا حازم قال أبو حازم
(٤٢٢)