وكان يقال ثلاثة أشياء لا رابع لها أبو عثمان بنيسابور والجنيد ببغداد وأبو عبد الله ابن الجلاء بالشام وقال أبو عثمان منذ أربعين سنة ما أقامني الله تعالى في شيء فكرهته ولا نقلني إلى حال فسخطته وقالت مريم امرأة أبي عثمان كنا نؤخر اللعب والضحك والحديث إلى أن يدخل أبو عثمان في ورده من الصلاة فإنه إذا دخل ستر الخلوة لم يحس بشيء من الحديث وغيره وقالت صادفت من أبي عثمان خلوة فاغتنمتها وقلت يا أبا عثمان أي عملك أرجى عندك فقال يا مريم لما ترعرعت وأنا بالري وكانوا يراودونني على التزوج فأمتنع جائتني امرأة فقالت يا أبا عثمان قد أحببتك حبا ذهب بنومي وقراري وأنا أسألك بمقلب القلوب أن تتزوج بي فقلت ألك والد قالت نعم فلان الخياط في موضع كذا فراسلته فأجاب فتزوجت بها فلما دخلت وجدتها عوراء عرجاء سيئة الخلق فقلت اللهم لك الحمد على ما قدرته لي وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك فأزيدها برا وإكراما إلى أن صارت لا تدعني أخرج من عندها فتركت حضور المجلس إيثارا لرضاها وحفظا لقلبها وبقيت معها على هذه الحالة خمس عشرة سنة وكنت معها في بعض أوقاتي كأني قابض على الجمر ولا أبدي لها شيئا من ذلك إلى أن ماتت فما شيء عندي أرجى من حفظي عليها ما كان في قلبها من جهتي ولما تغير على أبي عثمان الحال عند الموت مزق ابنه أبو بكر قميصا على نفسه ففتح أبو عثمان عينه وقال خلاف السنة يا بني في الظاهر وعلامة رياء في الباطن توفي لثلاث عشرة بقين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين ومائتين رحمه الله تعالى وكان كثيرا ما ينشد في حال وعظه (وغير تقي يأمر الناس بالتقى * طبيب يداوي والطبيب مريض)
(٣٧٠)