قاله القضاعي في الخطط رحمه الله تعالى والأزدي قد تقدم الكلام فيه والجيزي بكسر الجيم وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها زاي هذه النسبة إلى الجيزة وهي بليدة في قبالة مصر يفصل بينهما عرض النيل والأهرام في عملها وبالقرب منها وهي من عجائب الأبنية قال بعض الحكماء ما على وجه الأرض بنية إلا وأنا أرثي لها من الليل والنهار إلا الهرمين فأنا أرثي لليل والنهار منهما ولأبي الطيب المتنبي فيهما (أين الذي الهرمان من بنيانه * ما قومه ما يومه ما المصرع) (تتخلف الآثار عن أصحابها * حينا ويدركها الفناء فتتبع) وزعم قوم أن الأهرام قبور ملوك عظام آثروا أن يتميزوا بها على سائر الملوك بعد مماتهم كما تميزوا عليهم في حياتهم وتوخوا أن يبقى ذكرهم بسببها على تطاول الدهور وتراخي العصور ولما وصل الخليفة المأمون إلى مصر أمر بنقب الهرمين فنقب أحدهما بعد جهد شديد وعناء طويل فوجدوا داخله مراقي ومهاوي يهول أمرها ويعسر السلوك فيها ووجدوا في أعلاها بيتا مكعبا طول كل ضلع من أضلاعه نحو من ثمانية أذرع وفي وسطه حوض رخام مطبق فيه رمة بالية وقد أتت عليها العصور فكف عن نقب ما سواه وكانت النفقة على نقبه عظيمة والمؤونة شديدة ومن الناس من زعم أن هرمس الأول المدعو بالمثلث بالنبوة والملك والحكمة وهو الذي يسميه العبرانيون خنوخ وهو إدريس عليه السلام استدل من أحوال الكواكب على الطوفان فأمر ببناء الأهرام وإيداعها ما يشفق عليه من الذهاب وقيل بانيها سورند لرؤيا رآها وهي أن آفة تنزل من السماء وهي الطوفان ويقال إنه بناها في مدة ستة أشهر وغشاها بالديباج الملون
(٢٩٣)