الخلفاء وكان كثير التأدب معه وجرت بينهما يوما وحشة فكتب إليه سيف الدولة (لست أجفو وإن جفيت ولا أترك * حقا علي في كل حال) (إنما أنت والد والأب الجافي * يجازى بالصبر والاحتمال) حكى هلال بن المحسن عن معز االدولة ابن بويه وكان منازلا لناصر الدولة أبي محمد بن حمدان فجاءه غلام فقال إن اغتلت ابن حمدان وقتلته ما يكون لي عليك قال اقتراحك ووعده وعدا ملأ به صدره فمضى واختلط بعسكر ناصر الدولة وتوصل إلى أن عرف موضع منامه ليلا من خيمته ثم جاء وقد اشتمل على دشنة فدخل الخيمة من تحت الطنب وقد تفرق الناس ونام الحراس فوجد ناصر الدولة نائما على سرير وفي جانب الخيمة شمعة وعلى بعد منه جماعة فتأمل موضع رأسه من رجليه ثم أطفأ الشمعة لئلا يصيح إذا جرحه فينذر به ويؤخذ وجاءه يريد الموضع الذي فيه رأسه فاتفق أن ناصر الدولة تقلب من جنب إلى جنب فزال عن المكان وجاء الغلام يريد موضعه فغرز الدشنة عزرا استقصى فيه وظن أنه قد بلغ المراد فأحس ناصر الدولة بعدوه فانتبه فرأى الشمعة وقد أطفئت وأطناب الخيمة مرفوعة فصاح بالغلمان فبادروا وجاءوا بضوء وشاهدوا الصورة فجزع وأمر بالزيادة في الاحتراس ولم يعلم كيف جرى الأمر وعاد الرجل فأخبر معز الدولة أنه قد قتل ناصر الدولة فلم يعطه ما وعده به لكنه أطلق له شيئا وقال لأبي جعفر الصيمري من يقدم على الملوك مثل إقدام هذا لا يجوز استبقاؤه فضلا أن يوثق بمكانه وما الذي يؤمننا أن يبذل لأعدائنا مثل ما بذل لنا فأرحني منه كيف شئت فأخذه الصيمري فغرقه وكتب إليه مرة أخرى وذكرها الثعالبي في اليتيمة
(١١٥)