فقال لي يا عم أخرجك الهزل إلى الجد وأنشد يقول (ليس يزري السواد بالرجل الشهم * ولا بالفتى الأديب الأريب) (إن يكن للسواد فيك نصيب * فبياض الأخلاف منك نصيبي) قلت وقد نظم بعض المتأخرين وهو الأعز أبو الفتوح نصر الله بن قلاقس الإسكندري وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف النون هذا المعني وزاد فيه وأحسن كل الإحسان وهو قوله (رب سوداء وهي بيضاء فعل * حسد المسك عندها الكافور) (مثل حب العيون يحسبه الناس * سوادا وإنما هو نور) وجلس المعتصم يوما وقد تولى الخلافة بعد المأمون وعن يمينه العباس بن المأمون وعن يساره إبراهيم بن المهدي فجعل إبراهيم يقلب خاتما في يده فقال له العباس يا عم ما هذا الخاتم فقال خاتم رهنته في أيام أبيك فما فككته إلا في أيام أمير المؤمنين فقال له العباس والله لئن لم تشكر أبي على حقن دمك مع عظيم جرمك لا تشكر أمير المؤمنين على فك خاتمك فأفحمه وهذا إبراهيم في حديثه طول كثير أورده أرباب التواريخ في كتبهم لكن اختصرته ونبهت على المقصود منه وقد استوفى الطبري وغيره الكلام فيه ولما ظفر المأمون بإبراهيم شاور فيه أحمد بن أبي خالد الأحول الوزير فقال يا أمير المؤمنين إن قتلته فلك نظراء وإن عفوت عنه فما لك نظير وكانت ولادته غرة ذي القعدة سنة اثنتين وستين ومائة وتوفي يوم الجمعة لتسع خلون من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائتين بسر من رأى وصلى عليه بن أخيه المعتصم رحمه الله تعالى وسر من رأى فيها ست لغات حكاها الجوهري في كتاب الصحاح في فصل
(٤١)