نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ١ - الصفحة ٣٢٤
وحمامان وفرنان ومعظم بنيان مصر بالطوب وأكثر سفل ديارهم غير مسكون ولهما مسجدان جامعان للجمعة والخطبة فيهما أحدهما بناه عمرو بن العاص في وسط أسواق تحيط به من كل جهة وكان هذا الجامع في أوله كنيسة للروم فأمر به عمرو فقلب مسجدا جامعا والمسجد الجامع الثاني هو بأعلى الموقف بناه أبو العباس أحمد بن طولون ولابن طولون أيضا جامع آخر بناه في القرافة وهو مكان يسكنه المتعبدون وجمل من أهل الخير والعفاف وبالجزيرة التي بين ذراعي النيل جامع وكذلك في الضفة الغربية المسماة بالجيزة ومصر بالجملة عامرة بالناس نافقة بضروب المطاعم والمشارب وحسن الملابس وفي أهلها رفاهة وظرف شامل وحلاوة ولها في جميع جوانبها بساتين وجنات وشجر ونخل وقصب سكر وكل ذلك يسقى بماء النيل ومزارعها ممتدة من أسوان إلى حد الإسكندرية ويقيم الماء في أرضهم بالريف منذ ابتداء الحر إلى الخريف ثم ينضب فيزرع عليه ثم لا يسقى بعد ذلك ما زرع عليه ولا يحتاج إلى سقي البتة وأرض مصر لا تمطر ولا تثلج البتة وليس بأرض مصر مدينة يجري فيها الماء من غير حاجة إلا الفيوم وأكثر جري النيل إلى جهة الشمال وعرض العمارة عليه من حد أسوان ما بين نصف يوم إلى يوم إلى أن ينتهي إلى الفسطاط ثم تعرض العمارة وتتسع فيكون عرضها من الإسكندرية إلى الحوف الذي يتصل بعمارة القلزم نحو ثمانية أيام وليس في أرض مصر مما يحوز ضفتي النيل شيء قفر وإنما هوكله معمور بالبساتين والأشجار والمدن والقرى والناس والأسواق والبيع والشراء وبين طرفي النيل فيما ثبت في الكتب خمسة آلاف وست
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»