نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ١ - الصفحة ٣٢٨
سنه وأراد الملك راحته وانتزاعه عن الخدمة وقد كثرت حاشيته وأهله من ذريته وذرية أبيه وأقطعه أرض الفيوم وكان الفيوم بحيرة تصب إليها المياه وكانت ذات آجام وقصب وكان الملك يكره ذلك منها لأنها كانت قريبة منه فلما وهبها ليوسف عليه السلام نهض إلى ناحية صول واحتفر الخليج المسمى بالمنهى حتى أتي به إلى موضع اللاهون ثم بنى اللاهون وأوثقها بالحصى والكلس واللبن والصدف كالحائط المرتفع وجعل على أعلاه في الوسط بابا وحفر من ورائه خليجا يدخل إلى الفيوم شرقيا وعمل خليجا غربيا متصلا بهذا الخليج يمر به من خارج الفيوم يقال له تنهمت فخرج الماء من الجونة إلى الخليج الشرقي فجرى إلى النيل وخرج ماء الخليج الغربي يصب إلى صحراء تنهمت بالغرب فلم يبق من الماء شيء إلا وخرج وكل ذلك في أيام يسيرة ثم امر الفعلة فقلموا القصب التي هناك والعصاب وعقد الأدياس والطرفاء وكان ذلك في وقت جري الماء في النيل فدخل في رأس الخليج المسمى بالمنهى فجرى حتى وصل اللاهون فقطعه إلى خليج الفيوم وسار الماء إليها وسقاها وعم جميعها وصارت لجة وكان ذلك في سبعين يوما فلما نظر إليها الملك قال هذا عمل ألف يوم فسميت بذلك الفيوم ثم إن يوسف عليه السلام قال للملك إن عندي من الحكمة أن تعطيني من كل كورة من أرض مصر أهل بيت واحد فأعطاه ذلك فأمر يوسف القوم بأن يبني لكل بيت منهم قرية ففعلوا ذلك وكان عدد هذه البيوتات خمسة وثمانين بيتا وكانت قراهم على عدد ذلك فلما فرغوا من بنيان القرى ضرب لكل قرية من
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»