نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ١ - الصفحة ٣٢٢
السارية أربعون شبرا وطولها من القاعدة إلى رأسها تسع قيم والرأس منقوش مخرم بأحكم صنعة وأتقن وضع ولا أخت لها ولا يعلم أحد من أهل الإسكندرية ولا من أهل مصر ما المراد بوضعها مفردة في مكانها وهي الآن مائلة ميلا كثيرا لكنها ثابتة آمنة من السقوط والإسكندرية من عمالة مصر وقاعدة من قواعدها وأرض مصر تتصل حدودها من جهة الجنوب ببلاد النوبة ومن جهة الشمال بالبحر الشامي ومن جهة الشام بفحص التيه ومن جهة الشرق ببحر القلزم ومن جهة المغرب بالواحات وأما طول النيل فمن ساحل بحر الروم حيث ابتداؤه إلى أن يتصل بأرض النوبة من وراء الواحات نحو خمس وعشرين مرحلة ومن حد النوبة مما يلي الجنوب مصاقبا لبلاد النوبة نحو ثماني مراحل ويمتد من هناك إلى أول الحد الذي ذكرناه نحو اثنتي عشرة مرحلة ومدينة الفسطاط هي مصر سميت بذلك لأن مصرام بن حام بن نوح عليه السلام بناها في الأول وكانت مدينة مصر أولا عين شمس فلما نزل عمرو ابن العاص والمسلمون معه في صدر الإسلام وافتتحها اختط المسلمون حول فسطاطه فعمروا مكان مصر الآن وهو المكان الذي هي الآن فيه ويقال إنما سميت بالفسطاط لأن عمرو بن العاص لما استفتح مصر وأراد المسير إلى الإسكندرية أمر بالفسطاط أن يحط ويسار به أمامه فنزلت حمامة في أعلاه وباضت بيضتها فأخبر بذلك عمرو فامر أن يترك الفسطاط على حاله إلى أن تخلص الحمامة فرخيها ففعل وقال والله ما كنا لنسيء لمن ألفنا واطمأن بجانبنا
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»