نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
ذكية وجل لباسهم البياض ولهم همم في أنفسهم وملابسهم وفيهم الجمال ولهم معرفة زائدة في التجارات وطريقتهم حميدة في المعاملات ولهذه المدينة أسوار عالية حصينة جدا تطيف بها من سائر جهاتها ونواحيها البرية والبحريه وجميعها مبني بالحجر وفيها فنادق كثيرة وحمامات جمة ولهذه المدينة من جهة البر خندق كبير تستقر به مياه السماء وبخارجها من جهة غربيها حمى كان قبل دخول العرب أرض إفريقية وإفسادهم لها فيه جنات وبساتين بسائر الثمار العجيبة والفواكه الطيبة ولم يبقى الآن منها بهذا الحمى المذكور شيء وعلى مقربة من هذه المدينة قرى كثيرة ومنازل وقصور يسكنها قوم بواد لهم زروع كثيرة ومواش وأغنام وأبقار وإصابات كثيرة في القمح والشعير وبها زيتون كثير يعتصر منه زيت طيب عجيب يعم سائر بلاد إفريقية ويتجهز به إلى سائر بلاد المشرق وبين هاتين المدينتين أعني المهدية وزويلة فضاء كبير يسمى الرملة مقداره أشف من رمية سهم والمهدية قاعدة بلاد إفريقية وقطب مملكتها وإذ قد انتهى بنا القول في ذكر بلاد إفريقية فلنرجع الآن إلى ذكر بلاد نفزاوة فنقول إن مدينة سبيطلة كانت مدينة جرجيس ملك الروم الأفارقه وكانت من أحسن البلاد منظرا وأكبرها قطرا وأكثرها مياها وأعدلها هواء وأطيبها ثرى وكانت بها بساتين وجنات وافتتحها المسلمون في صدر الإسلام وقتلوا بها ملكها العظيم المسمى جرجيس ومنها إلى مدينة قفصة مرحلة وبعض ومنها أيضا إلى القيروان سبعون ميلا
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»