نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ١ - الصفحة ٢٨٦
نهرا أربعة أميال ثم اجروا ماء البحر في ذلك النهر المحفور فعلا على الحفر حتى جاوز أعلاه بربع قامة وأقل وأكثر إلى أن بلغ الماء حده فوقف وعند آخر هذا الحفر يتسع فيه الماء ويعمق واسمه وقور وإليه تصل المراكب الحمالة والنواشي والحرابي وترسى هناك واتصل فيض الماء الطافي في هذا النهر المحفور إلى مدينة تونس فهي على نحر البحيرة وأوساق المراكب تفرغ بوقور في زوارق صغار تعوم في أقاصير المياه إلى مدينة تونس ودخول المراكب من البحر إلى النهر حتى تصل إلى وقور واحدا بعد واحد لأن سعة النهر لا يحتمل أكثر من ذلك ويتصل بعض من هذه البحيرة في جهة المغرب حتى يكون بينها وبين قرطاجنة ميلان ومن فم هذه البحيرة إلى مدينة قرطاجنة ثلاثة أميال ونصف وهي الأن خراب وإنما يعمر منها قطيعة مرتفعة تسمى المعلقة يحيط بها سور تراب ويسكنها رؤساء من العرب يعرفون ببني زياد ومدينة قرطاجنة كانت في وقت عمارتها من غرائب البلاد المذكورة بما فيها من عجائب البناء وإظهار القدرة في ذلك وبها الآن بقايا من بنيان الروم المشهور بها مثل الطياطر التي ليس لها نظير في مباني الأرض قدرة واستطاعة وذلك أن هذه الطياطر هي بناء في استدارة وهي نحو من خمسين قوسا قائمة في الهواء سعة كل قوس منها أزيد من ثلاثين شبرا وبين كل قوس وأختها سارية وعظمها وسعة السارية والعضادتين أربعة أشبار ونصف ويقوم على كل قوس من هذه الأقواس خمسة أقواس قوس على قوس صفة
(٢٨٦)
مفاتيح البحث: الوسعة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»