أغنياء لهم نخوة واعتزاز لا يتحولون عنه وبمدنيه اغمات عقارب كثيرة وكثيرا ما تلسب الناس فتؤذيهم وربما مات من لسبته وبمدينة اغمات ضروب من الفواكه وأنواع من النعم وكل شيء من المأكول بها رخيض وممكن وبشمال هذه المدينة وعلى اثني عشر ميلا منها مدينة بناها يوسف بن تاشفين في صدر سنة سبعين وأربع مائة بعد أن اشترى أرضها من أهل اغمات بجملة أموال واختطها له ولبني عمه وهي في وطاء من الأرض ليس حولها شيء من الجبال إلا جبل صغير يسمى ايجليز ومنه قطع الحجر الذي بني منه قصر أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين وهو المعروف بدار الحجر وليس في موضع مدينة مراكش حجر البتة إلا ما كان من هذا الجبل وإنما بناؤها بالطين والطوب والطوابي المقامة من التراب وماؤها الذي تسقى به البساتين مستخرج بصنعة هندسية حسنة استخرج ذلك عبيد الله بن يونس المهندس وسبب ذلك أن ماءهم ليس ببعيد الغور موجود إذا احتفر قريبا من وجه الأرض وذلك أن هذا الرجل المذكور وهو عبيد الله بن يونس جاء إلى مراكش في صدر بنائها وليس بها إلا بستان واحد لأبي الفضل مولى أمير المسلمين المقدم ذكره فقصد إلى أعلى الأرض مما يلي البستان فاحتفر فيه بئرا مربعة كبيرة التربيع ثم احتفر منها ساقية متصلة الحفر على وجه الأرض ومر يحفر بتدريج من أرفع إلى أخفض متدرجا إلى أسفله بميزان حتى وصل الماء إلى البستان وهو منسكب مع وجه الأرض يصب فيه فهو جار مع الأيام لا يفتر وإذا نظر الناظر إلى مسطح الأرض لم يرى بها كبير ارتفاع يوجب خروج الماء من قعرها إلى وجهها وإنما يميز
(٢٣٣)