وبينهما أربعون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة تجاراتها كثيرة وأهلها مياسير ذوو أموال واسعة وأحوال حسنة ومرابح ظاهرة ولها موسم قبل وقت الحجيج مشهود البركة تنفق فيه البضائع المجلوبة والأمتعه المنتخبة والذخائر النفيسة وليس بعد مكة مدينة من مدائن الحجاز أكثر من أهلها مالا ولا أحسن منهم حالا وبها وال من ناحية الهاشمي صاحب مكة يقبض صدقاتها ولوازمها ومكوسها ويحرس عمالتها ولها مراكب كثيرة تتصرف إلى جهات كثيرة وبها مصائد للسمك الكثير والبقول بها ممكنة وبهذه المدينة فيما يذكر أنزلت حوا من الجنة وبها قبرها ومدينة مكة قديمة أزلية البناء مشهورة الثناء معمورة مقصودة من جميع الأرض الاسلامية واليها حجهم المعروف وهي مدينة بين شعاب الجبال وطولها من المعلاة إلى المسفلة نحو ميلين وهو من حد الجنوب إلى جهة الشمال ومن أسفل جبل أجياد إلى ظهر جبل قعيقعان ميل والمدينة مبنية في وسط هذا الفضاء وبنيانها حجارة وطين وحجارة بنيانها من جبالها وأسواقها قليلة وفي وسط مكة مسجدها الجامع المسمى بالحرم وليس لهذا الجامع سقف وإنما هو دائر كالحظيرة والكعبة وهو البيت المسقف في وسط الحرم وطول هذا البيت من خارجه من ناحية الشرق أربعة وعشرون ذراعا وكذلك طول الشقة التي تقابلها في جهة الغرب وبشرقي هذا الوجه باب الكعبة وارتفاعه على الأرض نحو قامة وسطح الكعبة من داخل مساو لأسفل الباب وفي ركنه الحجر الأسود وطول الحائط الثاني الذي
(١٣٩)