ومن جبل الطيلمون المتقدم ذكره إلى مدينة أسيوط وهي على الضفة الغربية من النيل مجرى يوم ومدينة أسيوط مدينة كبيرة عامرة آهلة جامعة لضروب المحاسن كثيرة الجنات والبساتين مدخرة لضروب الحبوب واسعة الأرضين جميلة حسنة ومن مدينة أسيوط إلى أخميم صاعدا مع النيل نصف مجرى ومن مدينة أخميم إلى مدينة قفط مجرى نصف يوم بالقلاع ومدينة قفط متباعدة عن ضفة النيل من الجهة الشرقية وأهلها شيعة وهي مدينة جامعة متحضرة بها أخلاط من الناس وفيها بعض بقايا من الروم وبها مزارع كثيرة للبقول مثل اللفت والخس وذلك لأنهم يجمعون بذورها ويطحنونها ويستخرجون أدهانها ويصنعون منها أنواعا من الصابون يتصرفون به في جميع أرض مصر ومنها يتجهز به إلى كل الجهات وصابونها معروف النظافة ومنها إلى مدينة قوص بالجهة الشرقية من النيل سبعة أميال ومدينة قوص مدينة كبيرة بها منبر وأسواق جامعة وتجارات ودخل وخرج والمسافر إليها كثير والبضاعات بها نافقة والمكاسب رابحة والبركات ظاهرة وشرب أهلها من ماء النيل ولها بقول طيبة وضروب من الحبوب كثيرة ممكنة ولحوم سدفة حسنة المنظر طيبة الأكل ولكثرة نعمها كان هواؤها وبائيا وأهلها مصفرة ألوانهم وقليلا ما دخلها غريب وسلم من المرض إلا نادرا ومن مدينة قوص إلى دماميل بشرقي النيل نحو من سبعة أميال
(١٢٨)