عنه نحو ميلين واخميم والبلينا مدينتان متقاربتان في كثرة العمارة وبهما نخيل كثير وقصب سكر وبمدينة أخميم البناء المسمى بربا وهو بيت بناه هرمس الأكبر من قبل الطوفان وذلك أنه رأى في علمه أن الأرض يهلك من فيها غير أنه لم يتحقق من ذلك ما السبب في هلاك الأمم أيكون بالنار أو بالماء فأمر أن تبنى له بيوت من الطين من غير أن يوقد النار عليها فلما جفت أمر أن ينقش له فيها ما أحب من الصور والعلوم ففعل ذلك وقال إن كان المهلك للعالم نارا صبرت هذه البيوت على النار وحسنت بها وكان ما فيها من النقوش بضروب العلوم باقيا ثابتا يقرؤه من يأتي بعده ثم أمر أيضا أن تبنى له بيوت غيرها من الحجارة ويستوثق منها وينقش فيها جميع العلوم التي رأى الاحتياج إليها ففعل ذلك وقال أيضا إن كان المهلك للعالم ماء فإن البيوت التي بنيت بالطين تتحلل وتبقى البيوت الحجارية بما فيها من العلوم فلا يضر بها الماء فلما كان الطوفان وغمر الأرض الماء وهلك كل ما فيها تحللت تلك البيوت المبنية من الطين وبقيت البيوت المبنية بالحجارة بما فيها من العلوم وهي الآن ثابتة باقية وهي براب كثيرة منها بربا أسنا وبربا دندرة وبربا أخميم وهو أثبتها بناء وأحسنها رسوما وذلك أن في هذا البيت بعض صور الكوكب وبعض صور الصنائع وصناعها وجمل من الكتابات وسائر العلوم وهذا البناء المسمى بربا هو في مدينة أخميم متوسطها كما قدمناه
(١٢٦)