سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ٩١
من النيل عذب ماؤها وأما البعيدة عنه فماؤها ملح ويقال إن في القاهرة ومصر اثنين وخمسين ألف جمل يحمل عليها السقاءون الروايا وهولأء عدا من يحمل الماء على ظهره في الجرار النحاسية أو القرب وذلك في الحارات الضيقة التي لا تسير فيها الجمال وفي المدينة بساتين وأشجار بين القصور تسقى من ماء الآبار وفي قصر السلطان بساتين لا نظير لها وقد نصبت السواقي لريها وغرست الأشجار فوق الأسطح فصارت متنزهات وحين كنت هناك أجر منزل مساحته عشرون ذراعا في اثني عشر ذراعا بخمسة عشر دينارا مغربيا في الشهر وكان أربعة طوابق ثلاثة منها مسكونة والرابع خال وقد عرض على صاحبه خمسة دنانير مغربية كأجرة شهرية فرفض معتذرا بأنه يلزمه أن يقيم به أحيانا ولو أنه لم يحضر مرتين في السنة التي أقمتها هناك وكانت البيوت من النظافة والبهاء بحيث تقول إنها بنيت من الجواهر لا من الجص والآجر والحجارة وهي بعيدة عن بعضها فلا تنمو أشجار بيت على سور بيت آخر ويستطيع كل مالك أن يجعل ما ينبغي لبيته في كل وقت من هدم أو إصلاح دون أن يضايق جاره ويرى السائر خارج المدينة ناحية الغرب ترعة كبيرة تسمى الخليج حفرها والد السلطان وله على شاطئيها ثلاثمائة قرية ويبتدئ فم الخليج من مدينة مصر ويمر بالقاهرة ويدور بها مارا أمام قصر السلطان وقد شيد على رأسه قصران أولهما قصر اللؤلؤة وثانيهما قصر
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»