سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ٥٥
الرخام من الملمع والأخضر والأحمر والأسود والأبيض ومن كل لون وفي الرملة صنف من التين ليس أحسن منه في أي مكان يصدر منها إلى جميع البلاد وتسمى مدينة الرملة في الشام والمغرب فلسطين وفي الثالث من رمضان غادرت الرملة فبلغت قرية تسمى خاتون وقد سرت منها إلى قرية أخرى تسمى قرية العنب وقد رأينا في الطريق كثيرا من نبات السذاب الذي ينبت بريا على الجبال وفي الصحراء وقد رأيت في هذه القرية عين ماء عذب تخرج من الصخر وقد بنيت هناك أحواض وعمارات وقد ذهبنا صاعدين وكنا نحسب أنا بعد صعود الجبل سنهبط إلى المدينة في الطرف الآخر ولكنا وجدنا أمامنا بعد أن صعدنا قليلا سهلا واسعا بعضه صخري وبعضه كثير التراب وعلى رأس جبل فيه تقع مدينة بيت المقدس ومن طرابلس التي هي على الساحل إليها ستة وخمسون فرسخا ومن بلخ إليها ستة وسبعون وثمانمائة فرسخ وفي الخامس من رمضان سنة 438 (16 مارس 1047) بلغنا بيت المقدس وكان قد مضى على خروجنا من بلدنا سنة شمسية وطوال رحلتنا لم نقر في مكان قط ولا وجدنا راحة كاملة وأهل الشام وأطرافها يسمون بيت المقدس القدس ويذهب إلى القدس في موسم الحج من لا يستطيع الذهاب إلى مكة من أهل هذه الولايات فيتوجه إلى الموقف ويضحي ضحية العيد كما هي العادة ويحضر هناك لتأدية السنة وفي بعض السنين أكثر من عشرين ألف شخص في أوائل ذي الحجة ومعهم أبناؤهم كذلك يأتي لزيارة بيت المقدس من ديار الروم كثير من النصارى واليهود وذلك لزيارة الكنيسة والكنيش هناك وهناك كنيسة عظيمة سيأتي وصفها في مكانه وسواد ورساتيق بيت المقدس جبلية كلها والزراعة وأشجار الزيتون والتين وغيرها تنبت كلها بغير ماء والخيرات بها كثيرة ورخيصة
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»