فتوح البلدان - البلاذري - ج ٣ - الصفحة ٥٣٤
ما من مشاهدك التي شاهدتها * إلا يزينك ذكرها مجاعا ثم استعمل الحجاج بعد مجاعة محمد بن هارون بن ذراع النمري. فأهدى إلى الحجاج في ولايته ملك جزيرة الياقوت نسوة ولدن في بلاده مسلمات ومات أباؤهن، وكانوا تجارا. فأراد التقرب بهن، فعرض للسفينة التي كن فيها قوم من ميد الديبل في بوارج. فأخذوا السفينة بما فيها. فنادت امرأة منهن، وكانت من بنى يربوع، يا حجاج! وبلغ الحجاج ذلك. فقال:
يا لبيك! فأرسل إلى داهر يسأله تخلية النسوة. فقال: إنما أخذهن لصوص لا أقدر عليهم. فأغزى الحجاج عبيد الله بن نبهان الديبل، فقتل. فكتب إلى بديل بن (ص 435) طهفة البجلي وهو بعمان يأمره أن يسير إلى الدبيل.
فلما لقيهم نفر به فرسه فأطاف به العدو فقتلوه. وقال بعضهم: قتله زط البدهة.
قال: وإنما سميت هذه الجزيرة جزيرة الياقوت لحسن وجوه نسائها.
ثم ولى الحجاج محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل في أيام الوليد بن عبد الملك. فغزا السند. وكان محمد بفارس، وقد أمره أن يسير إلى الري، وعلى مقدمته أبو الأسود جهم بن زحر الجعفي. فرده إليه وعقد له على ثغر السند، وضم إليه ستة آلاف من جند أهل الشام، وخلقا من غيرهم، وجهزه بكل ما احتاج إليه حتى الخيوط والمسال، وأمره أن يقيم بشيراز حتى يتتام إليه أصحابه ويوافيه ما أعدله. وعمد الحجاج إلى القطن المحلوج فنقع في الخل الخمر الحاذق ثم جفف في الظل. فقال: إذا صرتم إلى السند فإن الخل بها ضيق، فأنقعوا هذا القطن في الماء ثم اطبخوا به واصطبغوا.
ويقال إن محمدا لما صار إلى الثغر كتب يشكو ضيق الخل عليهم.
فبعث إليه بالقطن المنقوع في الخل.
فسار محمد بن القسم إلى مكران فأقام بها أياما، ثم أتى قنزبور ففتحها،
(٥٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 ... » »»