العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٨٧
عن أبي بكر في حياة النبي صلى الله عليه، وعند وفاته، وفى أيام خلافته، حتى كأن عليا ورجلا من عرض المسلمين في ذلك الدهر سواء.
وما يخيل إلينا إلا أن الذي قطعه عن كثير من ذلك حداثة سنه، وتقديمه للمشيخة على نفسه.
فإن قالوا: إن عليا قد أشار على عمر بكذا. وقال له يوم كذا وكذا: كذا.
قلنا: إنا لم نكن في عمر وعلى، ولو قد صرنا إلى الاخبار عنهما تقدمنا بالذي يعرفكم فضيلة عمر، كما حكينا ووصفنا وتقدمنا في الاخبار عن فضيلة أبى بكر.
ولقد بلغ من صحة فكره وصدق ظنه وقوة حسه أنه كان يظن الامر فيقع به أو قريبا منه. ولذلك قال عمر: إنك لن تنتفع بعقل المرء حتى تنتفع بظنه.
فمما يدل على صدق ظن أبى بكر وحس نفسه أن عائشة لما دخلت عليه في شكاته التي قبضه الله إليه فيها، أنشدت عنده شعرا تذكر فيه ما رأيت في أبيها. قال أبو بكر: لا تقولي هذا يا بنية. ولكن قولي:
" وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد "، أي بنية إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي بالعالية، وإنك لم تحوزيه ولم تقبضيه، وإنما هو مال الوارث، وإنما هما أخواك وأختاك، قالت عائشة: إنما هي أسماء (1)! قال: إنه ألقى في روعي أن ذا (2) بطن بنت

(1) في الحيوان 6: 50 - 51: " قالت: ما أعرف لي أختا غير أسماء ".
(2) في الأصل: " أردا " صوابه في الحيوان.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»