العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٥٤
إلى السيف ومعه صاحبه وصديقه، وسيد الأنصار وأفضلهم على باب العريش، عرف أن عظم الغناء وشدة الاحتمال والسبب الدال على الرياسة غير الذي خصه القوم وجعلوه دليلا. فمن أولى أن يكون أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم في عظم الغناء واحتمال المكروه، والحال الرفيعة، ممن كان ثاني اثنين في التقدم في الاسلام، وثاني اثنين في الدعاء إلى الله ورسوله، وثاني اثنين في كثرة المستجيبين والاتباع، وثاني اثنين في الغار، وثاني اثنين في الهجرة، وثاني اثنين في العريش، وفى أشباه لهذا كثيرة.
وأما ما ذكرتم من يوم بدر وقتل على الاقران وفضله على من سواه بذلك. فقد قلنا في ذلك بما قد سمعتم.
ونحن ذاكرون وجها آخر ليزيد في الحجة ويكشف من الدلالة.
نزعم أنه لم يشهد بدرا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم [من له (1)] مثل غناء أبى بكر ونباهته وكرم موضعه، لان من شهد بدرا مثل الزبير، وطلحة. وسعد، وعبد الرحمن، وعثمان، وبلال، ومسطح ابن أثاثة، وعامر بن فهيرة، وكان في العريش، فلا أحد يعدله في النباهة، ولا في الغناء والرفعة، والاحتمال لقدر الخلافة، لان الذين عددنا على ثلاثة أصناف: رجل أسلم على يده وبدعائه وشرحه فهو سبب حضوره وحسن بلائه، ورجل أسلم على يده وأعتقه بعد ذلك من رق العذاب ورق العبودية وشهد بدرا وقبل ذلك بمؤونته وكلفته. وإما ربيب

(1) بمثلها يلتئم الكلام.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»