العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٥٨
بموضع الشدة والانحياز (1) إلى أكثر مما يحتاج إليه المبارز، لان حفظ الجميع أشد من حفظ الواحد، ولان كل العدو يطالبه ويريد ختله، وكل ذلك بعلمه وعينه، لان خطأه وضعفه أقرب إلى هلكة الجميع من ضعف المبارز وخطئه.
ولو كان الامر كما تقولون ما كان أحد أسقط في الحرب ولا أصغر حظا ولا أقل أجرا ومكانا من الامام الأكبر والرئيس الأعظم (2) لبعد ما بين بلاد عدوه من بلاده، ولكان عامله أفضل منه.
(* مع أنكم تزيدون في كثرة القتلى وتعظمون شأنهم لتعظموا به من شأن على، كصنيعكم في أمر على ومرحب. حيث فخمتموه بالاشعار ونفختموه (3) بالبلاغات، وسكتم عن قتيل الزبير في ذلك اليوم. ومرحب وياسر أخوان شهدا الوقعة، والنباهة لياسر (4). فقصدتم إلى الأخمل فرفعتموه وشهرتموه إذ كان قتيل على، وقصدتم إلى الارفع فأخملتموه (5) وأخفيتموه، إذ كان قتيل الزبير. أو ما علمت أن الزبير وياسرا التقيا فاضطربا بأسيافهما فلم يغنيا شيئا مرارا، حتى لحجا في موضع (6) واعترضت

(1) في الأصل: " الانحياد " تحريف، والانحياز: أن يعدل عن المكان ويتركه إلى آخر. وفى اللسان: " يقال للأولياء انحازوا عن العدو وحاصوا. وللأعداء انهزموا وولوا مدبرين ".
(2) بعده في الأصل: " أقل أجرا وأصغر حظا " وهو تكرار.
(3) في الأصل: " تفختموه ".
(4) مرحب اليهودي وأخوه ياسر، قتلا في غزوة خيبر. السيرة. 760 - 761.
وقد ذكر ابن إسحاق أن الذي قتل مرحبا هو محمد بن مسلمة. قال ابن سيد الناس 2: 134:
" هذه رواية ابن إسحاق في قتل مرحب. وروينا في الصحيح من حديث سلمة بن الأكوع أن علي بن أبي طالب قتله ".
(5) في الأصل: " فاحتملتموه ".
(6) لحج في موضع: نشب فيه ولزمه.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»