العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٥٣
أن يبرص برص، لما كان بينه وبين عيسى بن مريم صلى الله عليه فرق.
والعجب إن كان كما تزعمون، كيف لم يبصق على أبى موسى فيجذمه، أو على جيش صفين فيهزمه؟! بل كان على أظهر سلما، وأرجح حلما وأشد ورعا، وأكثر فقها، وأبين فضلا، من أن يدعى هذا وشبهه.
وليس يمدح عليا بما لا يليق به إلا هازل أو جاهل.
وأما قولكم إن النبي صلى الله عليه قال: " أنت منى كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وإن (2) النبي صلى الله عليه أراد بهذا أن يعلم الناس أن عليا وصيه وخليفته، فإنا سنقول في ذلك، وبالله وحده نستعين.
نقول: إن خلافة الرجل لا تكون إلا في إحدى منزلتين: إما في حياة المستخلف وإما بعد موته. ولم يقل أحد إن النبي صلى الله عليه استخلف عليا في غزوة من غزواته، في كثرة ما غزا، وكثرة ما ولى.
قالوا بأجمعهم: إن النبي صلى الله عليه خلفه في غزوة تبوك، واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة، وقال قوم: المستخلف ابن أم مكتوم، وهم إن اختلفوا فلم يختلفوا أن عليا كان مقيما بالمدينة والأمير غيره، والامام سواه.

(1) في الأصل: " فإن "
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»