العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٧١
ألا ترى أنه كان أول شاهد من المسلمين في صدر الكتاب، والناس كلهم بعده.
ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمل عن سبعة (1). فأول خلق الله سمى أبو بكر. ثم عمر، ثم فلان ثم فلان، فهذا هذا.
ثم لما تحاجز الناس يوم أحد وأراد أبو سفيان الانصراف أقبل يسير على فرس له أنثى قد أشرف على أصحاب النبي صلى الله عليه في عرض الجبل ينادى بأعلى صوته: أين ابن أبي كبشة؟ يعنى النبي صلى الله عليه وسلم. أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ يوم بيوم بدر.
ألا إن الأيام دول والحرب سجال. وحنظلة بحنظلة!! (2) قال عمر:
ألا أجيبه يا رسول الله: قال: بلى. قال أبو سفيان: أعل هبل (3)!
قال عمر: الله أعلى وأجل. قال أبو سفيان: لنا عزى ولا عزى لكم!
قال عمر: الله مولانا ولا مولى لكم.
فلو لم يكن أبو بكر أفضل من شهد أحدا وأنبه، أو أغيظ لأبي سفيان والمشركين، ما جعله أبو سفيان - وهو رئيس القوم - ثانيا، والذي يتلو النبي صلى الله عليه في النداء والمخاطبة، حين يقول: أين ابن أبي كبشة؟
ثم يقول: أين ابن أبي قحافة. فهذا هذا.

(١) هذا الجمل هو جمل أبى جهل، كان قد غنمه يوم بدر. إمتاع الاسماع ٢٧٥، ٢٩٩ - ٣٠٠ والسيرة ٧٤٩ وعيون الأثر ٢: ١٢١.
(٢) يشير إلى ما كان من مقتل ولده حنظلة بن أبي سفيان في وقعة بدر. ومصرع حنظلة ابن أبي عامر غسل الملائكة حين لقيه في غزاة أحد، فلما استعلاه حنظلة بن أبي عامر لمحه شداد ابن الأسود فضربه شداد فقتله، فهو يذكر ثأره لولده. انظر السيرة ٥٠٧، ٥٦٧ - ٥٦٨ وإمتاع الاسماع ١٥٨، ١٤٩.
(٣) هبل: صنم مشهور. أعل هبل. أي أظهر دينك، السيرة ٥٨٢ والميسر والأزلام لمحقق العثمانية ص ٦٨.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»