العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٣٣
إلى متى تعذب هذا المسكين؟! قال: أنت أفسدته! يعنى أنت دعوته حتى أسلم - فأنقذه! قال أبو بكر: عندي غلام أسود جلد، على دينك، أعطيكه وآخذه. فأعتقه. فهو عتيقه ثلاث مرات (1).
(* ثم أعتق بعد ذلك من المعذبين في الله ست رقاب، منهم عامر بن فهيرة، شهد بدرا وهاجر مع رسول الله عليه السلام وأبى بكر. لأنه كان في موضع الثقة. حيث خرجا إلى الغار هاربين من المشركين متوجهين إلى المدينة. واستشهد يوم بئر معونة.
وأعتق زنيرة (2) ثلاث مرات. فلما اشتراها وأعتقها ذهب بصرها، وكانت تعذب في الله فيمن يعذب بمكة، فقال المشركون: ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى! قالت: كذبوا ما يضران ولا ينفعان! فرد الله عليها بصرها. فزعم الزهري (3) أن موليين لابن الغيطلة (4) أسلما حين رد الله عليها بصرها. وقالا: هذا بلا شك (5) من إله محمد وابن أبي قحافة!
ثم أعتق النهدية وابنتها وقد كانتا تعذبان في الله، وكانتا لامرأة من بنى عبد الدار. ومر بهما أبو بكر وقد بعثت العبدرية (6) معهما بطحين وهى

(1) إشارة إلى ما سبق من أنه أعتقه من رق الكفر، ومن رق العذاب، ومن رق العبودية. انظر ما سبق في ص 32 س 9 - 10.
(2) زنيرة، بكسر الزاي وتشديد النون المكسورة. كما ضبط الحافظ في الفتح 363 قسم النساء، والسهيلي في الروض الأنف 1: 203. وكانت رومية.
(3) في الأصل: " الزهرفى ".
(4) كان ابن الغيطلة من أشد أعداء الرسول - والغيطلة أمه، كانت كاهنة من بنى سهم في الجاهلية - واسمه الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم السهمي. انظر إمتاع الاسماع 1: 22 وحواشيه.
(5) في الأصل: " هذا بك شك ".
(6) هي مولاتهما، نسبة إلى بنى عبد الدار.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»