ورويتم أن لله تعالى في سمائه ملائكة تخللوا بالعباء وأن النبي صلى الله عليه وآله رآهم ليلة الاسراء فسأل جبريل عنهم فقال: هؤلاء ملائكة تأسوا بأبي بكر بن أبي قحافة صديقك في الأرض، فإنه سينفق عليك ماله حتى يخل عباءته في عنقه.
وأنتم رويتم أيضا أن الله تعالى لما أنزل آية النجوى فقال: " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلكم خير لكم " الآية. لم يعمل بها إلا علي بن أبي طالب وحده، مع إقراركم بفقره وقلة ذات يده، وأبو بكر في الذي ذكرنا من السعة أمسك عن مناجاته، فعاتب الله المؤمنين في ذلك فقال:
" أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم "، فجعله سبحانه وذنبا يتوب عليهم منه، وهو إمساكهم عن تقديم الصدقة. فكيف سخت نفسه بإنفاق أربعين ألفا وأمسك عن مناجاة الرسول، وإنما كان يحتاج إلى إخراج درهمين.
وأما ما ذكرتم من كثرة عياله ونفقته عليهم فليس في ذلك دليل على تفضيله، لان نفقته على عياله واجبة. مع أن أرباب السير ذكروا أنه لم يكن ينفق على أبيه شيئا، وأنه كان أجيرا لابن جدعان على مائدته يطرد عنها الذباب.
(13) ص 37 - 39 من العثمانية إننا لا ننكر فضل الصحابة وسوابقهم. ولسنا كالامامية الذين يحملهم الهوى على جحد الأمور المعلومة. ولكنا ننكر تفضيل أحد الصحابة على علي بن أبي طالب ولسنا ننكر غير ذلك - وننكر تعصب الجاحظ للعثمانية وقصده إلى فضائل هذا الرجل ومناقبه بالرد والابطال. وأما حمزة فهو عندنا ذو فضل عظيم، ومقام جليل، وهو سيد الشهداء الذين استشهدوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله.
وأما فضل عمر فغير منكر، وكذلك الزبير وسعد، وليس فيما ذكرنا ما يقتضى كون علي عليه السلام مفضولا لهم أو لغيرهم إلا قوله " وكل هذه الفضائل لم يكن لعلى عليه السلام فيها ناقة ولا جمل " فإن هذا من التعصب البارد والحيف، والفاحش.