العثمانية - الجاحظ - الصفحة مقدمة المحقق ١٤
وذلك أن ابن أبي الحديد يسوق النص من العثمانية ثم يعقب عليه بمناقضة أبى عثمان نصا بنص. ولكن الأستاذ السندوبي أفرد الأولى جميعها، ثم أفرد الأخرى جميعها كذلك.
وقد وجدت أن النصوص التي أوردها ابن أبي الحديد من العثمانية تدور حول مواضع لا تتجاوز اثنتين وستين صفحة من صدر العثمانية فحسب (1)، ووجدت أن التعقيب عليها في أسفل الصفحات بمناقضات أبى جعفر يخل بالوضع الذي يجب أن يخرج عليه السلام. فوضعت إشارات بالنجوم في الأصل وأشرت في الحواشي إلى أرقام المناقضات التي تقابلها والتي أفردتها وحدها بعد نهاية نص العثمانية.
ولم أشأ أن أعتمد على النسخة المطبوعة المتداولة من شرح ابن أبي الحديد، وهى طبعة سنة 1329 فرجعت إلى المخطوطة الكاملة المودعة برقم 576 أدب، وقابلت نصها بنص النسخة المطبوعة، التي أشرت إليها بالرمز " ط " وقد لحظت أن النصوص التي رودها ابن أبي الحديد من العثمانية لا تطابق الأصل مطابقة تامة. بل يتصرف فيها بالاختصار (2) مع أن ابن أبي الحديد

(١) علل ذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٣: ٢٥٣ بما يلي:
" وينبغي أن يذكر في هذا الموضع ملخص ما ذكره الشيخ أبو عثمان الجاحظ في كتابه المعروف بكتاب العثمانية في تفضيل إسلام أبى بكر على إسلام علي عليه السلام، لان هذا الموضع يقتضيه، لقوله عليه السلام حكاية عن قريش لما صدق رسول الله صلى الله عليه وآله: وهل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا! لانهم استصغروا سنه فاستحقروا أمر محمد صلى الله عليه وآله، حيث لم يصدقه في دعواه إلا غلام صغير السن. وشبهة العثمانية التي قررها الجاحظ من هذه الشبهة نشأت، ومن هذه الكلمة تفرعت، لان خلاصتها أن أبا بكر أسلم وهو ابن أربعين سنة، وعلى أسلم ولم يبلغ الحلم، فكان إسلام أبى بكر أفضل. ثم نذكر ما اعترض به شيخنا أبو جعفر الإسكافي على الجاحظ في كتابه المعروف بنقض العثمانية. ويتشعب الكلام بينهما حتى يخرج عن البحث في الاسلامين إلى البحث في أفضلية الرجلين وخصائصهما فإن ذلك لا يخلو عن فائدة جليلة، ونكتة لطيفة، لا يليق أن يخلو كتابنا هذا عنهما، ولان كلامهما بالرسائل والخطابة أشبهه، وفى الكتابة أقصد وأدخل. وكتابنا هذا موضوع لذكر ذلك وأمثاله ".
(2) بلغ أن أوجزت صفحتان منه في نحو ثلاثة أسطر. قابل بين ص 27 - 3 س 6 وأصل المناقضة رقم 6 في ابن أبي الحديد 3: 267.
(مقدمة المحقق ١٤)