الحيين رهنا من كل حي مائة غلام، ليكف بعضهم عن بعض، فكان أولئك الرهن يكونون معه في مسيره، ويغزون معه، فأصابتهم سموم في بعض مسيرهم، فهلك علمة التغلبيين، وسلم البكريون، فقالت تغلب لبكر اعطونا ديات أبناءنا، فان ذلك لكم لازم، فأبت بكر بن وائل، فحكم عمرو بن هند انه لا يلزم بكر بن وائل، ما حدث على رهائن تغلب، فتفرقوا على هذه الحال.
ومن أعظم الأيام الحربية التي خاضتها يوم ذي قار، وكان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو لبني بكر بن وائل، وقادمة بني شيبان، وبعدهم بنو عجل، على الأعاجم جنود كسرى، ومن معهم من العرب، ورئيسهم إياس بن قبيصة الطائي. وكان مكان النعمان ابن المنذر بعد قتل كسرى إياه وتحت يديه طئ وأياد وبهراء وقضاعة والعباد وتغلب والنمر بن قاسط قد رأس عليهم النعمان بن زرعة أعني النمر وتغلب. وكان سبب يوم ذي قار طلب كسرى تركة النعمان بن المنذر وكان النعمان قد تركها وترك ابنا له وبنتا عند هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود الشيباني فمنع رسول كسرى من الوصول إلى ما طلب وكتب كسرى إلى قيس بن مسعود ابن قيس بن خالد وكان عاملا له على الطف بان يعين اياسا فأنفذ إلى قومه ليلا وحرضهم على القتال وتواطأت العرب على العجم فطارت اياد عن العجم حين تشاجرت الرماح كأنهم منهزمون وقتل الهامرز وخلا بزر عامل كسرى وأسر النعمان بن زرعة التغلبي وبسبب ما صنع قيس بن مسعود استدرجه كسرى حتى أتاه فقتله (1).
واتبعتهم بكر بن وائل يقتلونهم بقية يومهم وليلتهم، حتى أصبحوا من الغد، وقد شارفوا السواد، ودخلوه في طلب القوم، فلم يفلت منهم كبير، وأقبلت بكر بن وائل على الغنائم، فقسموا بينهم تلك اللطائم بين نائهم، فكان أول من انصرف إلى كسرى بالهزيمة إياس بن قبيصة. وكانت وقعة ذي قار بعد وقعة بدر بأشهر، ورسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة، فلما بلغه ذلك قال:
هذا يوم انتصف فيه العرب من العجم وبي نصروا (2) (وفي السنة التاسعة من الهجرة النبوية اعتنق قسم بن بكر بن وائل الاسلام،