ذلك، حتى جاءت هوازن وثقيف، فنزلوا بحنين (1)، وهم يومئذ عامدون، يريدون قتال النبي صلى الله عليه وآله، وكانوا قد جمعوا قبل ذلك، حين سمعوا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة، وهم يظنون أنه إنما يريدهم، حيث خرج من المدينة فلما أتاهم أنه قد نزل مكة، أقبلت هوازن عامدين النبي صلى الله عليه وآله، واقبلوا معهم بالنساء والصبيان والأموال، وأقبلت معهم ثقيف، حتى نزلوا حنينا، يريدون النبي صلى الله عليه وآله، فلما حدث النبي صلى الله عليه وآله، وهو بمكة أن قد نرلت هوازن وثقيف بحنين، يسوقهم ملك بن عوف أحد بني نصر، وهو رئيسهم يومئذ، عمد النبي صلى الله عليه وآله، حتى قدم عليهم، فوافاهم بحنين فهزمهم، وكان الذي ساقوا من النساء والصبيان والماشية غنيمة غنمها رسول الله فقسم أموالهم، فيمن كان أسلم معه من قريش.
وفي سنة 9 ه قدم وفد ثقيف بعد قدومه عليه الصلاة والسلام من تبوك، وكان من أمرهم أنه صلى الله عليه وآله، لما انصرف من الطائف قيل له: يا رسول الله ادع على ثقيف، فقال: اللهم اهد ثقيفا، وأت بهم، ولما انصرف عنهم، اتبع اثره عروة بن مسعود بن متعب، حتى أدركه، فأسلم، وسأله أن يرحع إلى قومه بالاسلام، فلما أشرف لهم علي عليه، وقد دعاهم إلى الاسلام، وأظهر لهم دينه، رموه بالنبل من كل وجه، فأصابه سهم فقتله، ثم أقامت ثقيف بعد قتله أشهرا، ثم أنهم ائتمروا فيما بينهم، ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب قد بايعوا وأسلموا ان يرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما قدموا عليه صلى الله عليه وآله، ضرب عليهم قبة في ناحية المسجد، وكان خالد بن سعيد بن العاصي هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى أسلموا واكتتبوا كتابهم، وكان خالد هو الذي كتبه، وكان فيما سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين، فأبي عليهم عليه الصلاة والسلام، الا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمانها، وكان فيها سألوه مع ذلك، أن يعفيهم من الصلاة.