الجوهرة في نسب الإمام علي وآله - البري - الصفحة ٨٣
في مفروش من منقوش الأرمن، وأغذو نفسا حلوها ومرها، لتسمن، إذا أكون كابل ترعى وتبعر. والله لأروضن نفسي. رياضة تهش إلى قوتها إذا عنه نفرت، وتقنع بمحها مأدوما إذا هي أفطرت، لعلها تنال نعيما، وملكا كبيرا جسيما والسلام).
وعن أبي حمزة الثمالي، عن عبد الرحمن بن جندب، عن كميل بن زياد النخعي قال: أخذ علي بن أبي طالب بيدي، فأخرجني إلى ناحية الجبان. فلما أصخر تنفس الصعداء ثم قال:
(يا كميل، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها. يا كميل احفظ عني ما أقول: الناس ثلاثة، عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع. لكل ناعق أتباع يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق. يا كميل، العلم خير من المال. العلم يحرسك، وأنت تحرس المال.
والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق. يا كميل محبة العالم دين يدان به يكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته، ومنفعة المال تزول بزواله. والعلم حاكم والمال حاكم والمال محكوم عليه. يا كميل، مات خزان المال، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. ثم قال:
ها إن ها هنا علما - و. شار إلى صدره - لو أصبت له حملة، بلى أصبته، لقنا (1) غير مأمون. يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا، ويستظهر بحجج الله على أوليائه، وبنعم الله على معاصيه، أو مناقدا لحملة العلم، لا بصيرة له أنحائه. يقدح الشك في قلبه بأول ناعق من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاك. فمن هو منهوم

(1) اللقن: الذكي العاقل أو السريع الفهم.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست