أحب أحد الحياة إلا ذل. قال مولاه: فلما سمعت هذا الكلام منه علمت أنه سيخرج. فخرج على هشام بالكوفة، واجتمع عليه عسكر كبير. وحارب فبعث إليه يوسف بن عمرو الثقفي عامل هشام على العراق جيشا، فرمي بسهم فمات، وصلب. صلبه يوسف بن عمر بالكناسة، وذلك سنة اثنتين وعشرين ومئة. وإليه تنسب الزيدية: وهم أقل الرافضة غلوا. غير إنهم يرون الخروج مع كل من خرج.
فولد زيد بن علي يحيى وعيسى وحسينا. فأما يحيى فقتل بخراسان بالجوزجان منها، زمن نصر بن سيار. وقدم برأسه إلى الشام على الوليد بن يزيد الماجن. وأم يحيى ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنيفة.
وأما عيسى بن زيد فخرج علي أبي جعفر المنصور بعد قتل أبي مسلم، واستيلائه على ملك العراقين والشام والحجاز وخراسان ومصر واليمن. وقاتله فيما بين الكوفة وبغداد، ولقيه في جموع كثيرة، نحو من عشرين ومئة الف. فأقام أياما يقاتله في كل يوم، حتى هم أبو جعفر بالهزيمة، وركب فرسه لذلك. ثم جعل يشجع الناس، ويعدهم العطايا الواسعة والصلات العظيمة، فقاتلوا. ثم إن أبا جعفر غلبته عينه، وهو على فرسه. فنام، فرأى في نومه كأنه يمد، وتسمر يداه ورجلاه على الأرض.
فاستيقظ، فدعا عبارا كان معه. فأخبره بما رأى. فقال له: أبشر يا أمير المؤمنين، فإن سلطانك ثابت، وسيليه بعدك جماعة من ولدك. وهذا الرجل منهزم. فما كان بأسرع أن نظر المنصور إلى عيسى بن زيد منهزما.