عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٨١
وجدهم على تدبير غير التدبير الذي يراه صوابا وقد اعتادوه وتمكن من نفوسهم فعلم أنه لا يمكنه نقلهم عنه وأنه لو رام نقلهم عما هم عليه لكان يهلك كما هلك أستاذه سقراط على أن سقراط لم يكن قد رام استكمال صواب التدبير وبلغ أفلاطون من العمر إحدى وثمانين سنة وكان حسن الأخلاق كريم الأفعال كثير الإحسان إلى كل ذي قرابة منه وإلى الغرباء متئدا حليما صبورا وكان له تلاميذ كثيرة وتولى التدريس بعده رجلان أحدهما بأثينية في الموضع المعروف بأقاديميا وهو كسانوقراطيس والآخر بلوقين من عمل أثينية أيضا وهو أرسطوطاليس وكان يرمز حكمته ويسترها ويتكلم بها ملغوزة حتى لا يظهر مقصده لذوي الحكمة وكان درسه وتعلمه على طيماوس وسقراطيس وعنهما أخذ أكثر آرائه وصنف كتبا كثيرة منها ما بلغنا اسمه ستة وخمسون كتابا وفيها كتب كبار يكون فيها عدة مقالات وكتبه يتصل بعضها ببعض أربعة أربعة يجمعها غرض واحد ويخص كل واحد منها غرض خاص يشتمل عليه ذلك الغرض العام ويسمى كل واحد منها رابوعا وكل رابوع منها يتصل بالرابوع الذي قبله وكان رجلا أسمر اللون معتدل القامة حسن الصورة تام التخاطيط حسن اللحية قليل شعر العارضين ساكتا خافضا أشهل العينين براق بياضهما في ذقنه الأسفل خال أسود تام الباع لطيف الكلمة محبا للفلوات والصحاري والوحدة وكان يستدل في الحال الأكثر على موضعه بصوت بكائه ويسمع منه على نحو ميلين في الفيافي والصحاري ومن خط إسحاق بن حنين عاش أفلاطون ثمانين سنة وقال حنين بن إسحاق في كتاب نوادر الفلاسفة والحكماء كان منقوشا على فص خاتم أفلاطون تحريك الساكن أسهل من تسكين المتحرك مواعظ أفلاطون ومن آداب أفلاطون ومواعظه مما ذكره المبشر بن فاتك رحمه الله في كتابه قال أفلاطون للعادة على كل شيء سلطان وقال إذا هرب الحكيم من الناس فاطلبه وإذا طلبهم فاهرب منه وقال من لا يواس الإخوان عند دولته خذلوه عند فاقته وقيل له لم لا تجتمع الحكمة والمال فقال لعز الكمال وسئل من أحق الناس أن يؤتمن على تدبير المدينة فقال من كان في تدبير نفسه حسن المذهب
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»