(يتيه والكلب أعلى منه منزلة * كأنه بعد لم يخرج من التيه) البسيط ولبعضهم في أمين الدولة وأوحد الزمان (أبو الحسن الطبيب ومقتفيه * أبو البركات في طرفي نقيض) (فهذا بالتواضع في الثريا * وهذا بالتكبر في الحضيض) الوافر ونقلت من خط الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي فيما حكاه عن الأجل أمين الدولة بن التلميذ قال كان أمين الدولة حسن العشرة كريم الأخلاق عنده سخاء ومروءة وأعمال في الطب مشهورة وحدوس صائبة منها أنه أحضرت إليه امرأة محمولة لا يعرف أهلها في الحياة هي أم في الممات وكان الزمان شتاء فأمر بتجريدها وصب الماء المبرد عليها صبا متتابعا كثيرا ثم أمر بنقلها إلى مجلس دفئ قد بخر بالعود والند ودثرت بأصناف الفراء ساعة فعطست وتحركت وقعدت وخرجت ماشية مع أهلها إلى منزلها قال ودخل إليه رجل منزف يعرق دما في زمن الصيف فسأل تلاميذه وكانوا قدر خمسين نفسا فلم يعرفوا المرض فأمره أن يأكل خبز شعير مع باذنجان مشوي ففعل ذلك ثلاثة أيام فبرأ فسأله أصحابه عن العلة فقال إن دمه قد رق ومسامه قد تفتحت وهذا الغذاء من شأنه تغليظ الدم وتكثيف المسام قال ومن مروءته أن ظهر داره كان يلي النظامية فإذا مرض فقيه نقله إليه وقام في مرضه عليه فإذا أبل وهب له دينارين وصرفه ومما حكاه أيضا عن أمين الدولة بن التلميذ وكأنه قد تجاوز في هذه الحكاية قال وكان أمين الدولة لا يقبل عطية إلا من خليفة أو سلطان فعرض لبعض الملوك النائية داره مرض مزمن فقيل له ليس لك إلا ابن التلميذ وهو لا يقصد أحدا فقال أنا أتوجه إليه فلما وصل أفرد له ولغلمانة دورا وأفاض عليه من الجرايات قدر الكفاية ولبث مدة فبرئ الملك وتوجه إلى بلاده وأرسل إليه مع بعض التجار أربعة آلاف دينار وأربعة تخوت عتابي وأربعة مماليك وأربعة أفراس فامتنع من قبولها وقال علي يمينا أن لا أقبل من أحد شيئا فقال التاجر هذا مقدار كثير قال لما حلفت ما استثنيت وأقام شهرا يراوده ولا يزداد إلا إباء فقال له عند الوداع ها أنا أسافر ولا أرجع إلى صاحبي واتمتع بالمال فتتقلد منته وتفوتك منفعته ولا يعلم أحد بأنك رددته فقال ألست اعلم في نفسي أني لم أقبله فنفسي تشرف بذلك علم الناس أو جهلوا وحدثني الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي قال حدثني الشيخ موفق الدين أسعد بن إلياس بن
(٣٥٠)