عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٣٣٦
(لا لبيد باربد مات حزنا * وسلت عن شقيقها الخنساء) (مثل ما في التراب يبلى الفتى * فالحزن يبلى من بعده والبكاء) (غير أن الأموات زالوا وأبقوا * غصصا لا يسيغه الأحياء) (إنما نحن بين ظفر وناب * من خطوب أسودهن ضراء) (نتمنى وفي المنى قصر العمر * فنغذو بما نسر نساء) (صحة المرء للسقام طريق * وطريق الفناء هذا البقاء) (بالذي نغتذي نموت ونحيا * أقتل الداء للنفوس الدواء) (ما لقينا من غدر دنيا فلا كانت * ولا كان أخذها والعطاء) (راجع جودها عليها فمهما * يهب الصبح يسترد المساء) (ليت شعري حلما تمر بنا الأيام * أم ليس تعقل الأشياء) (من فساد يجنيه للعالم الكون * فما للنفوس منه اتقاء) (قبح الله لذة لأذانا * نالها الأمهات والآباء) (نحن لولا الوجود لم نألم الفقد * فإيجادنا علينا بلاء) (وقليلا ما تصحب المهجة الجسم * ففيم الأسى وفيم العناء) (ولقد أيد الإله عقولا * حجة العود عندها الأبداء) (غير دعوى قوم على الميت شيئا * أنكرته الجلود والأعضاء) (وإذا كان في العيان خلاف * كيف بالغيب يستبين الخفاء) (ما دهانا من يوم أحمد إلا * ظلمات ولا استبان ضياء) (يا أخي عاد بعدك الماء سما * وسموما ذاك النسيم الرخاء) (والدموع الغزار عادت من الأنفاس * نارا تثيرها الصعداء) (وأعد الحياة عذرا وإن كانت * حياة يرضى بها الأعداء) (أين تلك الخلال والخرم أين العزم * أين السناء أين البهاء) (كيف أودى النعيم من ذلك الظل * وشيكا وزال ذاك الغناء) (أين ما كنت تنتضي من لسان * في مقام للمواضي انتضاء) (كيف أرجو شفاء ما بي وما بي * دون سكناي في ثراك شفاء) (أين ذاك الرواء والمنطق المونق * أين الحياء أين الأباء) (أن محا حسنك التراب فما للدمع * يوما من صحن خدي انمحاء) (أو تبن لم يبن قديم وداد * أو تمت لم يمت عليك الثناء)
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»