عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٩٧
دواء استصحبته معي في كل يوم فلما اجتزت اليوم وسمعت الصياح قلت مات القصاب قالوا نعم مات فجأة البارحة فعلمت أن السكتة قد لحقته فدخلت إليه ولم أجد له نبضا فضربت كعبه إلى أن عادت حركة نبضه وسقيته الدواء ففتح عينيه وأطعمته مزورة والليلة يأكل رغيفا بدراج وفي غد يخرج من بيته أقول وكان مولد ثابت بن قرة في سنة إحدى عشرة ومائتين بحران في يوم الخميس الحادي والعشرين من صفر وتوفي سنة ثمان و ثمانين ومائتين وله من العمر سبع وسبعون سنة وقال ثابت ابن سنان بن ثابت بن قرة كانت بين أبي أحمد يحيى بن علي بن يحيى بن المنجم النديم وبين جدي أبي الحسن ثابت بن قرة رحمه الله مودة أكيدة ولما مات جدي في سنة ثمان وثمانين ومائتين رثاه أبو أحمد بأبيات هي هذه (ألا كل شيء ما خلا الله مائت * ومن يغترب يرجى ومن مات فائت) (أرى من مضى عنا وخيم عندنا * كسفر ثووا أرضا فسار وبائت) (نعينا العلوم الفلسفيات كلها * خبا نورها إذ قيل قد مات ثابت) (وأصبح أهلوها حيارى لفقده * وزال به ركن من العلم ثابت) (وكانوا إذا ضلوا هداهم لنهجها * خبير بفصل الحكم للحق ناكت) (ولما أتاه الموت لم يغن طبه * ولا ناطق مما حواه وصامت) (ولا أمتعته بالغنى بغتة الردى * ألا رب رزق قابل وهو فائت) (فلو أنه يسطاع للموت مدفع * لدافعه عنه حماة مصالت) (ثقات من الإخوان يصفون وده * وليس لما يقضي به الله لافت) (أبا حسن لا تبعدن وكلنا * لهلكك مفجوع له الحزن كابت) (أآمل أن تجلى عن الحق شبهة * وشخصك مقبور وصوتك خافت) (وقد كان يسرو حسن تبيينك العمى * وكل قؤول حين تنطق ساكت) (كأنك مسؤولا من البحر غارف * ومستبدئا نطقا من الصخر ناحت) (فلم يتفقدني من العلم واحد * هراق إناء العلم بعدك كابت) (وكم من محب قد أفدت وأنه * لغيرك ممن رام شأوك هافت) (عجبت لأرض غيبتك ولم يكن * ليثبت فيها مثلك الدهر ثابت) (تهذبت حتى لم يكن لك مبغض * ولا لك لما اغتالك الموت شامت)
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»