عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٨٧
بسند وقال ما ترك هذان الرديان شيئا من سوء القول إلا وقد ذكراك عندي به وقد أتلفا جملة من مالي في هذا النهر فأخرج إليه حتى تتأمله وتخبرني بالغلط فيه فإني قد آليت على نفسي إن كان الأمر على ما وصف لي إني أصلبهما على شاطئه وكل هذا بعين محمد وأحمد ابني موسى وسمعهما فخرج وهما معه فقال محمد ابن موسى لسند يا أبا الطيب أن قدرة الحر تذهب حفيظته وقد فرغنا إليك في أنفسنا التي هي أنفس أعلاقنا وما ننكر إنا أسأنا والاعتراف يهدم الاقتراف فتخلصنا كيف شئت قال لهما والله إنكما لتعلمان ما بيني وبين الكندي من العداوة والمباعدة ولكن الحق أولى ما أتبع أكان من الجميل ما أتيتماه إليه من أخذ كتبه والله لا ذكرتكما بصالحة حتى تردا عليه كتبه فتقدم محمد بن موسى في حمل الكتب إليه وأخذ خطه باستيفائها فوردت رقعة الكندي بتسلمها عن آخرها فقال قد وجب لكما علي ذمام برد كتب هذا الرجل ولكما ذمام بالمعرفة التي لم ترعياها في والخطأ في هذا النهر يستتر أربعة أشهر بزيادة دجلة وقد أجمع الحساب على أن أمير المؤمنين لا يبلغ هذا المدى وأنا أخبره الساعة أنه لم يقع منكما خطأ في هذا النهر إبقاء على أرواحكما فإن صدق المنجمون أفلتنا الثلاثة وإن كذبوا وجازت مدته حتى تنقص دجلة وتنصب أوقع بنا ثلاثتنا فشكر محمد وأحمد هذا القول منه واسترقهما به ودخل على المتوكل فقال له ما غلطا وزادت دجلة وجرى الماء في النهر فاستتر حاله وقتل المتوكل بعد شهرين وسلم محمد وأحمد بعد شدة الخوف مما توقعا وقال القاضي أبو القاسم صاعد بن أحمد بن صاعد في كتاب طبقات الأمم عن الكندي عندما ذكر تصانيفه وكتبه قال ومنها كتبه في علم المنطق وهي كتب قد نفقت عند الناس نفاقا عاما وقلما ينتفع بها في العلوم لأنها خالية من صناعة التحليل التي لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل في كل مطلوب إلا بها وأما صناعة التركيب وهي التي قصد يعقوب في كتبه هذه إليها فلا ينتفع بها إلا من كانت عنده مقدمات عتيدة فحينئذ يمكنه التركيب ومقدمات كل مطلوب لا توجد إلا بصناعة التحليل ولا أدري ما حمل يعقوب على الإضراب عن هذه الصناعة الجليلة هل جهل مقدارها أو ضن على الناس بكشفه وأي هذين كان فهو نقص فيه وله بعد هذا رسائل كثيرة في علوم جمة ظهرت له فيها آراء فاسدة ومذاهب بعيدة عن الحقيقة أقول هذا الذي قد قاله القاضي صاعد عن الكندي فيه تحامل كثير عليه وليس ذلك مما يحط من علم الكندي ولا مما يصد الناس عن النظر في كتبه والانتفاع بها وقال ابن النديم البغدادي الكاتب في كتاب الفهرست كان من تلامذة الكندي ووراقيه حسنويه ونفطويه وسملويه وآخر على هذا الوزن ومن تلامذته أحمد بن الطيب وأخذ عنه أبو معشر أيضا قال أبو محمد عبد الله بن قتيبة في كتاب فرائد الدر قال بعضهم أنشدت يعقوب بن
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»