معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٨
فيا صاحبي إما حملت رسالة إلى دار أحباب لها طاب مغناها وقل ذلك الوجد المبرح ثابت، وحرمة أيام الصبا ما أضعناها فإن كانت الأيام أنست عهودنا، فلسنا على طول المدى نتناساها سلام على تلك المعاهد، إنها محط صبابات النفوس ومثواها رعى الله أياما تقضت بقربها، فما كان أحلاها لديها وأمراها!
وقال آخر في ذم دمشق:
إذا فاخروا قالوا مياه غزيرة عذاب، وللظامي سلاف مورق سلاف ولكن السراجين مزجها، فشاربها منها الخرا يتنشق وقد قال قوم جنة الجلد جلق، وقد كذبوا في ذا المقال ومخرقو فما هي إلا بلدة جاهلية، بها تكسد الخيرات والفسق ينفق فحسبهم جيرون فخرا وزينة، ورأس ابن بنت المصطفى فيه علقوا قال: ولما ولي عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، قال: إني أرى في أموال مسجد دمشق كثرة قد أنفقت في غير حقها فأنا مستدرك ما استدركت منها فردت إلى بيت المال، أنزع هذا الرخام والفسيفساء وأنزع هذه السلاسل وأصير بدلها حبالا، فاشتد ذلك على أهل دمشق حتى وردت عشرة رجال من ملك الروم إلى دمشق فسألوا أن يؤذن لهم في دخول المسجد، فأذن لهم أن يدخلوا من باب البريد، فوكل بهم رجلا يعرف لغتهم ويستمع كلامهم وينهي قولهم إلى عمر من حيث لا يعلمون، فمروا في الصحن حتى استقبلوا القبلة فرفعوا رؤوسهم إلى المسجد فنكس رئيسم رأسه واصفر لونه، فقالوا له في ذلك فقال: إنا كنا معاشر أهل رومية نتحدث أن بقاء العرب قليل فلما رأيت ما بنوا علمت أن لهم مدة لابد أن يبلغوها، فلما أخبر عمر بن عبد العزيز بذلك قال: إني أرى مسجد كم هذا غيظا على الكفار، وترك ما هم به، وقد كان رصع محرابه بالجواهر الثمينة وعلق عليه قناديل الذهب والفضة.
وبدمشق من الصحابة والتابعين وأهل الخير والصلاح الذين يزارون في ميدان الحصى، وفي قبلي دمشق قبر يزعمون أنه قبر أم عاتكة أخت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وعنده قبر يروون أنه قبر صهيب الرومي وأخيه، والمأثور أن صهيبا بالمدينة، وأيضا بها مشهد التاريخ في قبلته قبر مسقوف بنصفين وله خبر مع علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفي قبلي الباب الصغير قبر بلال بن حمامة وكعب الاخبار وثلاث من أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، وقبر فضة جارية فاطمة، رضي الله عنها، وأبي الدرداء وأم الدرداء وفضالة بن عبيد وسهل بن الحنظلية وواثلة ابن الأسقع وأوس بن أوس الثقفي وأم الحسن بنت جعفر الصادق، رضي الله عنه، وعلي بن عبد الله بن العباس وسلمان بن علي بن عبد الله بن العباس وزوجته أم الحسن بنت علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وخديجة بنت زين العابدين وسكينة بنت الحسين، والصحيح أنها بالمدينة، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وبالجابية قبر أويس القرني، وقد زرناه بالرقة، وله مشهد بالإسكندرية وبديار بكر
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»